للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ومن هم يا رسول الله، أهل الكتاب؟ قال «فمن؟» (١) وهكذا رواه أبو معشر عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي : فذكره، وزاد قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم القرآن ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ الآية، قال أبو هريرة: الخلاق الدين ﴿وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا﴾ قالوا يا رسول الله كما صنعت فارس والروم؟ قال «فهل الناس إلا هم؟» (٢) وهذا الحديث له شاهد في الصحيح.

[[سورة التوبة (٩): آية ٧٠]]

﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٧٠)

يقول تعالى واعظا لهؤلاء المنافقين المكذبين للرسل ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من الأمم المكذبة للرسل ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾ وما أصابهم من الغرق العام لجميع أهل الأرض إلا من آمن بعبده ورسوله نوح ، ﴿وَعادٍ﴾ كيف أهلكوا بالريح العقيم لما كذبوا هودا ، ﴿وَثَمُودَ﴾ كيف أخذتهم الصيحة لما كذبوا صالحا وعقروا الناقة، ﴿وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ﴾ كيف نصره الله عليهم وأيده بالمعجزات الظاهرة عليهم وأهلك ملكهم نمروذ بن كنعان بن كوش الكنعاني لعنه الله.

﴿وَأَصْحابِ مَدْيَنَ﴾ وهم قوم شعيب وكيف أصابتهم الرجفة وعذاب يوم الظلة، ﴿وَالْمُؤْتَفِكاتِ﴾ قوم لوط وقد كانوا يسكنون في مدائن، وقال في الآية الأخرى ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى﴾ [النجم: ٥٣] أي الأمة المؤتفكة وقيل أم قراهم، وهي سدوم، والغرض أن الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوط وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين، ﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ﴾ أي بالحجج والدلائل القاطعات، ﴿فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ أي بإهلاكه إياهم لأنه أقام عليهم الحجة بإرسال الرسل وإزاحة العلل، ﴿وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ أي بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم الحق فصاروا إلى ما صاروا إليه من العذاب والدمار.

[[سورة التوبة (٩): آية ٧١]]

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١)

لما ذكر تعالى صفات المنافقين الذميمة عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة، فقال:

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ أي يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الصحيح «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» (٣) وشبك بين أصابعه، وفي الصحيح أيضا «مثل


(١) تفسير الطبري ٦/ ٤١٣.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٤١٢، ٤١٣.
(٣) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٨٨، ومسلم في البر حديث ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>