للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أول كل سورة، قال أبو بكر بن أبي داود: يعني حيث يقرأ في الصلاة، قال: واكتفيت بحفظ المسلمين لها عن كتابتها وقد قيل: إن الفاتحة أول شيء أنزل من القرآن كما ورد في حديث رواه البيهقي في دلائل النبوة ونقله الباقلاني أحد أقوال ثلاثة وقيل: ﴿يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ كما في حديث جابر في الصحيح وقيل: ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ وهذ هو الصحيح كما سيأتي تقريره في موضعه والله المستعان.

[ذكر ما ورد في فضل الفاتحة]

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده (١) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى قال:

كنت أصلي فدعاني رسول الله فلم أجبه حتى صليت، قال: فأتيته فقال: «ما منعك أن تأتيني»؟ قال: قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي قال: ألم يقل الله تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤] ثم قال: «لأعلمنك (٢) أعظم سورة في القرآن قيل أن تخرج من المسجد» قال: فأخذ بيدي فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت:

يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قال: «نعم ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» وهكذا رواه البخاري عن مسدد وعلي بن المديني، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان به، ورواه في موضع آخر من التفسير، وأبو داوود والنسائي وابن ماجة من طرق عن شعبة به، ورواه الواقدي عن محمد بن معاذ الأنصاري عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى عن أبيّ بن كعب فذكر نحوه. وقد وقع في الموطأ (٣) للإمام مالك بن أنس ما ينبغي التنبيه عليه فإنه رواه مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي: أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبرهم أن رسول الله نادى أبي بن كعب وهو يصلي في المسجد فلما فرغ من صلاته لحقه قال فوضع النبي يده على يدي وهو يريد أن يخرج من باب المسجد ثم قال : «إني لأرجو أن لا تخرج من باب المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها» قال أبي : فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك ثم قلت: يا رسول الله ما السورة التي وعدتني؟ قال: «كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأت عليه ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ حتى أتيت على آخرها، فقال رسول الله «هي هذه السورة وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت» فأبو سعيد هذا ليس بأبي سعيد بن المعلى كما اعتقده ابن الأثير في


(١) المسند ج ٥ ص ٣٣٤.
(٢) المراد: لأعلمنك من أمرها ما لم تكن تعلمه قبل ذلك، وإلا فقد كان عالما بالسورة وحافظا لها.
(٣) الموطأ، كتاب الصلاة، حديث ٣٧ (باب ما جاء في أم القرآن)

<<  <  ج: ص:  >  >>