للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إنما سميت بذلك لرجوع معاني القرآن كله إلى ما تضمنته. قال ابن جرير: والعرب تسمي كل جامع أمرا أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه هو لها إمام جامع: أمّا، فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ أم الرأس ويسمون لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها أمّا، واستشهد بقول ذي الرمة [الطويل].

على رأسه أمّ لنا نقتدي بها … جماع أمور لا نعاصي لها أمرا (١)

-يعني الرمح-قال: وسميت مكة أم القرى لتقدمها أمام جميعها وجمعها ما سواها، وقيل لأن الأرض دحيت من تحتها. ويقال لها أيضا: الفاتحة لأنها تفتتح بها القراءة وافتتحت الصحابة بها كتابة المصحف الإمام (٢) وصح تسميتها بالسبع المثاني، قالوا: لأنها تثنى في الصلاة فتقرأ في كل ركعة، وإن كان للمثاني معنى آخر كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.

قال الإمام أحمد (٣): حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا ابن أبي ذئب وهاشم بن هاشم (٤) عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي أنه قال في أم القرآن: «هي أم القرآن وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم» ثم رواه عن إسماعيل بن عمر عن ابن أبي ذئب به. وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (٥): حدثني يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله قال: «هي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني» وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في تفسيره:

حدثنا أحمد بن محمد بن زياد حدثنا محمد بن غالب بن حارث، حدثنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي، حدثنا المعافى بن عمران عن عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «الحمد لله رب العالمين سبع آيات: بسم الله الرحمن الرحيم إحداهن، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، وهي أم الكتاب، وفاتحة الكتاب» وقد رواه الدارقطني أيضا عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه، أو مثله، وقال: كلهم ثقات. وروى البيهقي عن علي وابن عباس وأبي هريرة أنهم فسروا قوله تعالى ﴿سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي﴾ بالفاتحة وأن البسملة هي الآية السابعة منها وسيأتي تمام هذا عند البسملة. وقد روى الأعمش عن إبراهيم قال: قيل لابن مسعود: لم لم تكتب الفاتحة في مصحفك؟ فقال: لو كتبتها لكتبتها


(١) الطبري ١/ ٧٤. وقد روى ثلاثة أبيات هي: وأسمر قوّام إذا نام صحبتي خفيف الثياب لا تواري له أزرا على رأسه أم لنا نقتدي بها جماع أمور لا نعاصي لها أمرا إذا نزلت قيل أنزلوا وإذا غدت غدت ذات بزريق ننال بها فخرا
(٢) المصحف الإمام هو مصحف عثمان .
(٣) المسند ج ٣ ص ٤٥٩.
(٤) في المسند: «هاشم بن القاسم».
(٥) تفسير الطبري ١/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>