للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: «لعن الله اليهود يحرمون شحوم الغنم ويأكلون أثمانها» وفي رواية «حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها» وفي لفظ لأبي داود عن ابن عباس مرفوعا «إن الله إذا حرم أكل شيء حرم عليهم ثمنه».

[[سورة الأنعام (٦): آية ١٤٧]]

﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧)

يقول تعالى: فإن كذبك يا محمد مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم، ﴿فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ﴾ وهذا ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة واتباع رسوله، ﴿وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ ترهيب لهم من مخالفتهم الرسول خاتم النبيين، وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين الترغيب والترهيب في القرآن، كما قال تعالى في آخر هذه السورة ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٦٥] وقال ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ﴾ [الرعد: ٦] وقال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩ - ٥٠] وقال تعالى: ﴿غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ﴾ [غافر: ٣] وقال ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج: ١٢ - ١٤] والآيات في هذا كثيرة جدا.

[[سورة الأنعام (٦): الآيات ١٤٨ إلى ١٥٠]]

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)

هذه مناظرة ذكرها الله تعالى، وشبهة تشبث بها المشركون في شركهم وتحريم ما حرموا، فإن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان ويحول بيننا وبين الكفر فلم يغيره، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا بذلك، ولهذا قالوا ﴿لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ﴾ كما في قوله تعالى، ﴿وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ﴾ [الزخرف: ٢٠] الآية، وكذلك الآية التي في النحل مثل هذه سواء.

قال الله تعالى: ﴿كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي بهذه الشبهة ضل من ضل قبل هؤلاء وهي حجة داحضة باطلة، لأنها لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأسه ودمر عليهم وأدال عليهم رسله الكرام وأذاق المشركين من أليم الانتقام، ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ﴾ أي بأن الله راض عنكم فيما أنتم فيه ﴿فَتُخْرِجُوهُ لَنا﴾ أي فتظهروه لنا وتبينوه وتبرزوه ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ﴾ أي

<<  <  ج: ص:  >  >>