للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزيادة، فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن ﷿» ورواه أيضا ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي به.

وقال ابن جرير (١) أيضا: حدثنا ابن حميد حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج عن عطاء عن كعب بن عجرة عن النبي في قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ﴾ قال «النظر إلى وجه الرحمن ﷿». وقال أيضا (٢): حدثنا ابن عبد الرحيم حدثنا عمرو بن أبي سلمة سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية حدثنا أبي بن كعب أنه سأل رسول الله عن قول الله ﷿ ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ﴾ قال: «الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله ﷿» ورواه ابن أبي حاتم أيضا من حديث زهير به.

وقوله تعالى: ﴿وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ﴾ أي قتام وسواد في عرصات المحشر كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة ﴿وَلا ذِلَّةٌ﴾ أي هوان وصغار أي لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر بل هم كما قال تعالى في حقهم: ﴿فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً﴾ أي نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم، جعلنا الله منهم بفضله ورحمته آمين.

[[سورة يونس (١٠): آية ٢٧]]

﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧)

لما أخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ويزدادون على ذلك عطف بذكر حال الأشقياء فذكر تعالى عدله فيهم وأنه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك ﴿وَتَرْهَقُهُمْ﴾ أي تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال: ﴿وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الشورى: ٤٥] الآية وقال تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ﴾ [إبراهيم: ٤٢ - ٤٤] الآيات، وقوله: ﴿ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ﴾ أي مانع ولا واق يقيهم العذاب كقوله تعالى:

﴿يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلاّ لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ١٠ - ١٢] وقوله: ﴿كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ﴾ الآية إخبار عن سواد وجوههم في الدار الآخرة كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٦ - ١٠٧] وقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ﴾ [عبس: ٣٨ - ٤٢] الآية.


(١) تفسير الطبري ٦/ ٥٥١.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٥٥١، وفيه: حدثنا ابن البرقي، بدل: حدثنا ابن عبد الرحيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>