للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشيخة الجند يقال له أبو الحجاج يقول: جلست إلى أبي أمامة فقال: إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة، وعنده سماطان من خدم، وعند طرف السماطين باب مبوب، فيقبل الملك فيستأذن فيقول للذي يليه ملك يستأذن، ويقول الذي يليه للذي يليه ملك يستأذن، حتى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا، فيقول أقربهم للمؤمن: ائذنوا له، ويقول الذي يليه للذي يليه: ائذنوا له، حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب، فيفتح له، فيدخل فيسلم ثم ينصرف، رواه ابن جرير (١). ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش، عن أرطاة بن المنذر عن أبي الحجاج يوسف الإلهاني قال: سمعت أبا أمامة فذكر نحوه. وقد جاء في الحديث أن رسول الله كان يزور قبور الشهداء في رأس كل حول فيقول لهم: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ﴾ وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان.

[[سورة الرعد (١٣): آية ٢٥]]

﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ (٢٥)

هذا حال الأشقياء وصفاتهم، وذكر ما لهم في الآخرة، ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون، كما أنهم اتصفوا بخلاف صفاتهم في الدنيا، فأولئك كانوا يوفون بعهد الله، ويصلون ما أمر الله به أن يوصل، وهؤلاء ﴿يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ كما ثبت في الحديث «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (٢). وفي رواية «وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر» (٣)، ولهذا قال ﴿أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ﴾ وهي الإبعاد عن الرحمة، ﴿وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ﴾ وهي سوء العاقبة والمآل، ﴿وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ﴾.

وقال أبو العالية في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ﴾ الآية، قال: هي ست خصال في المنافقين، إذا كان فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا ائتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الثلاث الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا.

[[سورة الرعد (١٣): آية ٢٦]]

﴿اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاّ مَتاعٌ (٢٦)

يذكر تعالى أنه هو الذي يوسع الرزق على من يشاء، ويقتر على من يشاء، لما له في ذلك


(١) تفسير الطبري ٧/ ٣٧٧.
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٢٤، ومسلم في الإيمان حديث ١٠٨.
(٣) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٢٤، ومسلم في الإيمان حديث ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>