للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦].

[[سورة إبراهيم (١٤): آية ١٨]]

﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨)

هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا معه غيره، وكذبوا رسله، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح، فانهارت وعدموها أحوج ما كانوا إليها، فقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ﴾ أي مثل أعمالهم يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى، لأنهم كانوا يحسبون أنهم كانوا على شيء فلم يجدوا شيئا، ولا ألفوا حاصلا إلا كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة.

﴿فِي يَوْمٍ عاصِفٍ﴾ أي ذي ريح شديدة عاصفة قوية، فلم يقدروا على شيء من أعمالهم التي كسبوا في الدنيا إلا كما يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم، كقوله تعالى:

﴿وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً﴾ [الفرقان: ٢٣]، وقوله تعالى: ﴿مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١١٧]، وقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٦٤]، وقوله في هذه الآية ﴿ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾ أي سعيهم وعملهم على غير أساس ولا استقامة، حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما كانوا إليه ﴿ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾.

[[سورة إبراهيم (١٤): الآيات ١٩ إلى ٢٠]]

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)

يقول تعالى مخبرا عن قدرته على معاد الأبدان يوم القيامة بأنه خلق السموات والأرض التي هي أكبر من خلق الناس، أفليس الذي قدر على خلق هذه السموات في ارتفاعها واتساعها وعظمتها، وما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات، والحركات المختلفات، والآيات الباهرات، وهذه الأرض بما فيها من مهاد ووهاد وأوتاد، وبراري وصحارى، وقفار وبحار، وأشجار ونبات، وحيوان على اختلاف أصنافها ومنافعها وأشكالها وألوانها ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأحقاف: ٣٣] وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>