للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الطارق (٨٦): الآيات ١ إلى ١٠]]

﴿وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ (٤) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩) فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (١٠)

يقسم بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة ولهذا قال تعالى: ﴿وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ﴾ ثم قال: ﴿وَما أَدْراكَ مَا الطّارِقُ﴾ ثم فسره بقوله: ﴿النَّجْمُ الثّاقِبُ﴾ قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقا لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار، ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا (١) أي يأتيهم فجأة بالليل، وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء «إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن» (٢). وقوله تعالى: ﴿الثّاقِبُ﴾ قال ابن عباس: المضيء وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها، وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان.

وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ﴾ أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات كما قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ [الرعد:١١]. وقوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد، لأن من قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] وقوله تعالى:

﴿خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ﴾ يعني المني يخرج دفقا من الرجل والمرأة، فيتولد منهما الولد، بإذن الله ﷿، ولهذا قال: ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ﴾ يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهو صدرها.

وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ﴾ صلب الرجل وترائب المرأة أصفر رقيق لا يكون الولد إلا منهما، وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة عن مسعر، سمعت الحكم ذكر عن ابن عباس ﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ﴾ قال: هذه الترائب، ووضع يده على صدره.

وقال الضحاك وعطية عن ابن عباس: تريبة المرأة موضع القلادة، وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الترائب بين ثدييها، وعن مجاهد:

الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر، وعنه أيضا: الترائب أسفل من التراقي، وقال سفيان الثوري: فوق الثديين، وعن سعيد بن جبير: الترائب أربعة أضلاع من هذا الجانب الأسفل وعن الضحاك: الترائب بين الثديين والرجلين والعينين، وقال الليث بن سعد عن معمر بن أبي


(١) أخرجه البخاري في النكاح باب ١٢٠، ومسلم في الإمارة حديث ١٨٠، ١٨٤.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>