للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللهُ﴾ قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس، أي قل الله أنزله، وهذا الذي قاله ابن عباس، هو المتعين في تفسير هذه الكلمة، لا ما قاله بعض المتأخرين، من أن معنى ﴿قُلِ اللهُ﴾ أي لا يكون خطابك لهم، إلا هذه الكلمة، كلمة «الله» وهذا الذي قاله هذا القائل، يكون أمرا بكلمة مفردة، من غير تركيب، والإتيان بكلمة مفردة لا يفيد في لغة العرب فائدة يحسن السكوت عليها.

وقوله ﴿ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾ أي ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون، حتى يأتيهم من الله اليقين، فسوف يعلمون ألهم العاقبة أم لعباد الله المتقين؟ وقوله ﴿وَهذا كِتابٌ﴾ يعني القرآن ﴿أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى﴾ يعني مكة ﴿وَمَنْ حَوْلَها﴾ من أحياء العرب، ومن سائر طوائف بني آدم، ومن عرب وعجم، كما قال في الآية الأخرى ﴿قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ [الأعراف: ١٥٨] وقال ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وقال ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ﴾ [هود: ١٧] وقال ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً﴾ [الفرقان: ١] وقال ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾ [آل عمران: ٢٠] وثبت في الصحيحين أن رسول الله قال «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي» وذكر منهن «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» ولهذا قال ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ أي كل من آمن بالله واليوم الآخر، يؤمن بهذا الكتاب المبارك، الذي أنزلناه إليك يا محمد، وهو القرآن ﴿وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ﴾ أي يقيمون بما فرض عليهم من أداء الصلوات في أوقاتها.

[[سورة الأنعام (٦): الآيات ٩٣ إلى ٩٤]]

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)

يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ أي لا أحد أظلم، ممن كذب على الله، فجعل له شركاء أو ولدا، أو ادعى أن الله أرسله إلى الناس ولم يرسله، ولهذا قال تعالى: ﴿أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾ قال عكرمة وقتادة: نزلت في مسيلمة الكذاب.

﴿وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ﴾ أي ومن ادعى أنه يعارض ما جاء من عند الله من الوحي، مما يفتريه من القول، كقوله تعالى: ﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا﴾ [الأنفال: ٣١] الآية، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>