للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: إن رسول الله كان يقول: «أعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد قبلي ولا فخر: أحلت لي الغنائم ولم تحل لمن قبلي، كانوا قبلي يجمعون غنائمهم فيحرقونها، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة، قال الله تعالى: ﴿أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَفُرادى﴾ وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي» فهو حديث ضعيف الإسناد، وتفسير الآية بالقيام في الصلاة في جماعة وفرادى بعيد، ولعله مقحم في الحديث من بعض الرواة، فإن أصله ثابت في الصحاح وغيرها، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ قال البخاري (١) عندها: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن خازم حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: صعد النبي الصفا ذات يوم فقال: «يا صباحاه» فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم أما كنتم تصدقوني» قالوا: بلى، قال : «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا جمعتنا. فأنزل الله ﷿ ﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: ١] وقد تقدم عند قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤].

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم. حدثنا بشير بن المهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: خرج إلينا رسول الله يوما فنادى ثلاث مرات، فقال: «أيها الناس أتدرون ما مثلي ومثلكم؟» قالوا: الله تعالى ورسوله أعلم قال : «إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم، فبعثوا رجلا يتراءى لهم فبينما هو كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه، أيها الناس أوتيتم أيها الناس أوتيتم» ثلاث مرات، وبهذا الإسناد قال رسول الله : «بعثت أنا والساعة جميعا إن كادت لتسبقني» تفرد به الإمام أحمد (٢) في مسنده.

[[سورة سبإ (٣٤): الآيات ٤٧ إلى ٥٠]]

﴿قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اِهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)

يقول تعالى آمرا رسوله أن يقول للمشركين ﴿ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ أي لا أريد


(١) كتاب التفسير، تفسير سورة ٣٤، في الترجمة، باب ٢.
(٢) المسند ٤/ ٣٠٩، ٥/ ٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>