للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأنبياء: ٧٢] وقال ﴿وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] ولا خلاف أن إسحاق والد يعقوب، وهو نص القرآن في سورة البقرة: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ﴾ [البقرة:١٣٣] ولهذا إنما ذكر هاهنا إسحاق ويعقوب، أي جعلنا له نسلا وعقبا أنبياء أقر الله بهم عينه في حياته، ولهذا قال: ﴿وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا﴾ فلو لم يكن يعقوب قد نبئ في حياة إبراهيم لما اقتصر عليه ولذكر ولده يوسف، فإنه نبي أيضا.

كما قال رسول الله في الحديث المتفق على صحته حين سئل عن خير الناس، فقال:

«يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله» (١)، وفي اللفظ الآخر «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» (٢).

وقوله ﴿وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني الثناء الحسن، وكذا قال السدي ومالك بن أنس، وقال ابن جرير (٣): إنما قال عليا لأن جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

[[سورة مريم (١٩): الآيات ٥١ إلى ٥٣]]

﴿وَاُذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣)

لما ذكر تعالى إبراهيم الخليل وأثنى عليه، عطف بذكر الكليم، فقال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً﴾ قرأ بعضهم بكسر اللام من الإخلاص في العبادة. قال الثوري عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي لبابة قال: قال الحواريون: يا روح الله أخبرنا عن المخلص لله؟ قال: الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس، وقرأ الآخرون بفتحها بمعنى أنه كان مصطفى، كما قال تعالى: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤] ﴿وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا﴾ جمع الله له بين الوصفين، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وعلى سائر الأنبياء أجمعين.

وقوله: ﴿وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ﴾ أي الجبل ﴿الْأَيْمَنِ﴾ من موسى حين ذهب يبتغي من تلك النار جذوة فرآها تلوح، فقصدها فوجدها في جانب الطور الأيمن منه عند شاطئ الوادي، فكلمه الله تعالى وناداه وقربه فناجاه. روى ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى


(١) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ٨، ١٤، ومسلم في الفضائل حديث ١٥٢.
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ١٩، والمناقب باب ١٣، وتفسير سورة ١٢ باب ١.
(٣) تفسير الطبري ٨/ ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>