للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صبابة (١) كصبابة الإناء يتصابها صاحبها (٢)، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا منها بخير ما بحضرتكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا، والله لتملئونه أفعجبتم والله لقد ذكر لنا أن ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاما، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ (٣) من الزحام» (٤) وذكر تمام الحديث انفرد به مسلم.

وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا يعقوب، حدثني ابن علية، أخبرنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: نزلنا المدائن فكنا منها على فرسخ، فجاءت الجمعة، فحضر أبي وحضرت معه فخطبنا حذيفة فقال: ألا إن الله يقول: ﴿اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق (٥)، فقلت لأبي: أيستبق الناس غدا؟ فقال: يا بني إنك لجاهل، إنما هو السباق بالأعمال، ثم جاءت الجمعة الأخرى، فحضرنا فخطب حذيفة فقال: ألا إن الله ﷿ يقول: ﴿اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، ألا وإن الغاية النار، والسابق من سبق إلى الجنة (٦).

وقوله تعالى: ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ قد كان هذا في زمان رسول الله ، كما ورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة. وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال:

«خمس قد مضين الروم والدخان واللزام والبطشة والقمر» (٧) وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات.

[ذكر الأحاديث الواردة في ذلك]

[رواية أنس بن مالك]: قال الإمام أحمد (٨): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي آية، فانشق القمر بمكة مرتين فقال:


(١) الصبابة: البقية القليلة.
(٢) يتصابها صاحبها: أي يشربها.
(٣) الكظيظ: الممتلئ.
(٤) أخرجه مسلم في الزهد باب ١٤.
(٥) اليوم المضمار وغدا السباق: أي اليوم العمل في الدنيا وغدا السباق إلى الجنة.
(٦) تفسير الطبري ١١/ ٥٤٥، ٥٤٦.
(٧) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٢ باب ٤، وسورة ٢٥ باب ٤، وسورة ٤٤ باب ١، ٥، ٦.
(٨) المسند ٣/ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>