للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ﴾ أي أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم وآتوا الزكاة المفروضة، وهذا يدل لمن قال إن فرض الزكاة نزل بمكة لكن مقادير النصب والمخرج لم تبين إلا بالمدينة والله أعلم. وقد قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد من السلف: إن هذه الآية نسخت الذي كان الله قد أوجبه على المسلمين أولا من قيام الليل، واختلفوا في المدة التي بينهما على أقوال كما تقدم، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله قال لذلك الرجل: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا إلا أن تطوع» (١).

وقوله تعالى: ﴿وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ يعني من الصدقات، فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء وأوفره، كما قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥] وقوله تعالى: ﴿وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾ أي جميع ما تقدموه بين أيديكم فهو لكم حاصل وهو خير مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا.

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن الحارث بن سويد قال: قال عبد الله: قال رسول الله : «أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟» قالوا: يا رسول الله ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه قال: «اعلموا ما تقولون» قالوا: ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله؟ قال: «إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر» (٢) ورواه البخاري من حديث حفص بن غياث والنسائي من طريق أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به، ثم قال تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أي أكثروا من ذكره واستغفاره في أموركم كلها فإنه غفور رحيم لمن استغفره

آخر تفسير سورة المزمل، ولله الحمد والمنة.

[تفسير سورة المدثر]

وهي مكية

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

[[سورة المدثر (٧٤): الآيات ١ إلى ١٠]]

﴿يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)


(١) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٣٤، ومسلم في الإيمان حديث ٨.
(٢) أخرجه البخاري في الرقاق باب ١٢، والنسائي في الوصايا باب ١، وأحمد في المسند ١/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>