أي من لم يهده الله فهو هالك جاهل، حائل، بائر، كافر، كقوله ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ﴾ وهذا في مقابلة ما قال في مثل المؤمنين ﴿يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورا، وعن أيماننا نورا، وعن شمائلنا نورا، وأن يعظم لنا نورا.
يخبر تعالى أنه يسبح له من في السموات والأرض أي من الملائكة والأناسي والجان والحيوان حتى الجماد، كما قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [الإسراء: ٤٤] الآية، وقوله تعالى: ﴿وَالطَّيْرُ صَافّاتٍ﴾ أي في حال طيرانها تسبح ربها وتعبده بتسبيح ألهمها وأرشدها إليه، وهو يعلم ما هي فاعلة، ولهذا قال تعالى: ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ أي كل قد أرشده إلى طريقته ومسلكه في عبادة الله ﷿. ثم أخبر أنه عالم بجميع ذلك لا يخفى عليه من ذلك شيء، ولهذا قال تعالى: ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ﴾ ثم أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض، فهو الحاكم المتصرف الإله المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له ولا معقب لحكمه ﴿وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ﴾ أي يوم القيامة، فيحكم فيه بما يشاء ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا﴾ [النجم: ٣١] الآية، فهو الخالق المالك، ألا له الحكم في الدنيا والأخرى، وله الحمد في الأولى والآخرة.
يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة، وهو الإزجاء ﴿ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ أي يجمعه بعد تفرقه ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً﴾ أي متراكما، أي يركب بعضه بعضا ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ﴾ أي المطر ﴿يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ﴾ أي من خلله، وكذا قرأها ابن عباس والضحاك. قال عبيد بن عمير الليثي: يبعث الله المثيرة فتقم الأرض قما (١)، ثم يبعث الله الناشئة فتنشئ السحاب، ثم يبعث الله المؤلفة فتؤلف بينه، ثم يبعث الله اللواقح فتلقح السحاب. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير رحمهما الله.
وقوله ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ﴾ قال بعض النحاة من الأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة لبيان الجنس، وهذا إنما يجيء على قول من ذهب من المفسرين إلى أن قوله ﴿مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ﴾ معناه أن في السماء جبال برد ينزل الله منها