للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهيعة، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال: «لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض، فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض» وقال الإمام أحمد (١):

حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله «لو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت، ثم عاد كما كان، ولو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا» وقال ابن عباس في قوله: ﴿وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ قال: يضربون بها، فيقع كل عضو على حياله فيدعون بالثبور (٢).

وقوله: ﴿كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾ قال الأعمش عن أبي ظبيان عن سلمان قال: النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها، ثم قرأ ﴿كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾ وقال زيد بن أسلم في هذه الآية ﴿كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾ قال: بلغني أن أهل النار في النار لا يتنفسون، وقال الفضيل بن عياض: والله ما طمعوا في الخروج، إن الأرجل لمقيدة وإن الأيدي لموثقة، ولكن يرفعهم لهبها وتردهم مقامعها. وقوله: ﴿وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ﴾ كقوله: ﴿وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ ومعنى الكلام أنهم يهانون بالعذاب قولا وفعلا.

[[سورة الحج (٢٢): الآيات ٢٣ إلى ٢٤]]

﴿إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤)

لما أخبر تعالى عن حال أهل النار عياذا بالله من حالهم وما هم فيه من العذاب والنكال والحريق والأغلال وما أعد لهم من الثياب من النار، ذكر حال أهل الجنة نسأل الله من فضله وكرمه أن يدخلنا الجنة، فقال: ﴿إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ أي تتخرق في أكنافها وأرجائها وجوانبها وتحت أشجارها وقصورها، يصرفونها حيث شاؤوا وأين أرادوا ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها﴾ من الحلية ﴿مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً﴾ أي في أيديهم، كما قاله النبي في الحديث المتفق عليه: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» (٣). وقال كعب الأحبار: إن في الجنة ملكا لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ لأهل الجنة الحلي منذ خلقه الله إلى يوم القيامة لو أبرز قلب منها-أي سوار منها-لرد شعاع الشمس كما ترد الشمس نور القمر.


(١) المسند ٣/ ٨٣.
(٢) الثبور: الهلاك.
(٣) أخرجه مسلم في الطهارة حديث ٤٠، والنسائي في الطهارة باب ١٠٩، وأحمد في المسند ٢/ ٢٣٢، ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>