للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولى بالله منكم، وقال المسلمون: كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء، فنحن أولى بالله منكم، فأفلج (١) الله الإسلام على من ناوأه، وأنزل ﴿هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ وكذا روى العوفي عن ابن عباس: وقال شعبة عن قتادة في قوله: ﴿هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ قال: مصدق ومكذب وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية: مثل الكافر والمؤمن اختصما في البعث، وقال في رواية هو وعطاء في هذه الآية: هم المؤمنون والكافرون.

وقال عكرمة: ﴿هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ قال: هي الجنة والنار، قالت النار:

اجعلني للعقوبة، وقالت الجنة: اجعلني للرحمة. وقول مجاهد وعطاء: إن المراد بهذه الكافرون والمؤمنون يشمل الأقوال كلها، وينتظم فيه قصة يوم بدر وغيرها، فإن المؤمنين يريدون نصرة دين الله ﷿، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلان الحق وظهور الباطل، وهذا اختيار ابن جرير، وهو حسن، ولهذا قال ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ﴾ أي فصلت لهم مقطعات من النار، قال سعيد بن جبير: من نحاس، وهو أشد الأشياء حرارة إذا حمي ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾ أي إذا صب على رؤوسهم الحميم وهو الماء الحار في غاية الحرارة. وقال سعيد بن جبير: هو النحاس المذاب، أذاب ما في بطونهم من الشحم والأمعاء، قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، وكذلك تذوب جلودهم، وقال ابن عباس وسعيد: تساقط.

وقال ابن جرير (٢): حدثني محمد بن المثنى، حدثني إبراهيم أبو إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن المبارك عن سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة عن النبي قال: «إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه حتى يبلغ قدميه، وهو الصهر، ثم يعاد كما كان» (٣) ورواه الترمذي من حديث ابن المبارك وقال: حسن صحيح، وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي نعيم عن ابن المبارك به. ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أحمد بن أبي الحواري.

قال: سمعت عبد الله بن السري قال: يأتيه الملك يحمل الإناء بكلبتين من حرارته، فإذا أدناه من وجهه تكرهه، قال: فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفرغ دماغه، ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه، فذلك قوله: ﴿يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾.

وقوله: ﴿وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ قال الإمام أحمد (٤): حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن


(١) أفلج: أي نصر.
(٢) تفسير الطبري ٩/ ١٢٥.
(٣) أخرجه الترمذي في جهنم باب ٤.
(٤) المسند المسند ٣/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>