يتبختر به فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا فنزل عنه وقال ما حملتموني إلا على شيطان ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي. إسناده صحيح. والرجيم فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود عن الخير كله كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ﴾ [الملك: ٥] وقال تعالى: ﴿إِنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ﴾.
﴿لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ. إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ﴾ [الصافات: ٦ - ١٠] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ. إِلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ﴾ [الحجر: ١٦ - ١٨] إلى غير ذلك من الآيات وقيل رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم الناس بالوساوس والربائث والأول أشهر وأصح.
[[سورة الفاتحة (١): آية ١]]
(١)
[بسم الله الرحمن الرحيم] افتتح بها الصحابة كتاب الله واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل، ثم اختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة أو من أول كل سورة كتبت في أولها أو أنها بعض آية من كل سورة أو أنها كذلك في الفاتحة دون غيرها أو أنها إنما كتبت للفصل لا أنها آية على أقوال للعلماء سلفا وخلفا وذلك مبسوط في غير هذا الموضع. وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس ﵄ أن رسول الله ﷺ كان لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ وأخرجه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في مستدركه أيضا، وروي مرسلا عن سعيد بن جبير. وفي صحيح ابن خزيمة عن أم سلمة ﵂ أن رسول الله ﷺ قرأ البسملة في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية، لكنه من رواية عمر بن هارون البلخي، وفيه ضعف، عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة عنها. وروى له الدارقطني متابعا عن أبي هريرة مرفوعا، وروي مثله عن علي وابن عباس وغيرهما. وممن حكي عنه أنها آية من كل سورة إلا براءة: ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو هريرة وعلي، ومن التابعين: عطاء وطاوس وسعيد بن جبير ومكحول والزهري وبه يقول عبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل في رواية عنه وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلام ﵏. وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما: ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقال الشافعي في قول في بعض طرق مذهبه هي آية من الفاتحة وليست من غيرها وعنه أنها بعض آية من أول كل سورة وهما غريبان. وقال داود: هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها، وهذا رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وحكاه أبو بكر الرازي عن أبي الحسن الكرخي، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة ﵏. هذا ما يتعلق بكونها آية من الفاتحة أم لا.
فأما الجهر بها فمفرّع على هذا، فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها وكذا من قال إنها آية من أولها، وأما من قال بأنها من أوائل السور فاختلفوا، فذهب الشافعي ﵀ إلى أنه