للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربك ﴿إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ أي أنت على الحق المبين وإن خالفك من خالفك ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى﴾ أي لا تسمعهم شيئا ينفعهم، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة وفي آذانهم وقر الكفر، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ﴾ أي إنما يستجيب لك من هو سميع بصير، السمع والبصر النافع في القلب والبصيرة، الخاضع لله ولما جاء عنه على ألسنة الرسل .

[[سورة النمل (٢٧): آية ٨٢]]

﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢)

هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض، قيل: من مكة، وقيل: من غيرها كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى فتكلم الناس على ذلك، قال ابن عباس والحسن وقتادة ويروى عن علي :

تكلمهم كلاما، أي تخاطبهم مخاطبة، وقال عطاء الخراساني: تكلمهم فتقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. ويروى هذا عن علي واختاره ابن جرير (١) وفي هذا القول نظر لا يخفى، والله أعلم. وقال ابن عباس في رواية: تجرحهم، وعنه رواية قال: كلاّ تفعل هذا وهذا، وهو قول حسن ولا منافاة، والله أعلم.

وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثار كثيرة فلنذكر منها ما تيسر والله المستعان.

قال الإمام أحمد (٢): حدثنا سفيان عن فرات، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة، فقال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان والدابة! وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق أو تحشر الناس، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا» (٣) وهكذا رواه مسلم وأهل السنن من طرق عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة موقوفا. وقال الترمذي: حسن صحيح. ورواه مسلم أيضا من حديث عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عنه مرفوعا، فالله أعلم.

[طريق أخرى] قال أبو داود الطيالسي عن طلحة بن عمرو وجرير بن حازم، فأما طلحة


(١) انظر تفسير الطبري ١٠/ ١٦.
(٢) المسند ٤/ ٦، ٧.
(٣) أخرجه مسلم في الفتن حديث ٣٩، ٤٠، وأبو داود في الملاحم باب ١٢، والترمذي في الفتن باب ٢١، وابن ماجة في الفتن باب ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>