[مريم: ٨٨ - ٩٥].
[[سورة الإسراء (١٧): آية ٤١]]
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ نُفُوراً (٤١)﴾
يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ أي صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يذكرون ما فيه من الحجج والبينات والمواعظ، فينزجروا عما هم فيه من الشرك والظلم والإفك، ﴿وَما يَزِيدُهُمْ﴾ أي الظالمين منهم ﴿إِلاّ نُفُوراً﴾ أي عن الحق وبعدا منه.
[[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٤٢ إلى ٤٣]]
﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣)﴾
يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكا من خلقه، العابدين معه غيره، ليقربهم إليه زلفى لو كان الأمر كما يقولون، وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه، لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ويبتغون إليه الوسيلة والقربة، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه، ولا حاجة لكم إلى معبود يكون وساطة بينكم وبينه، فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه، بل يكرهه ويأباه، وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه، ثم نزه نفسه الكريمة وقدّسها فقال: ﴿سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يَقُولُونَ﴾ أي هؤلاء المشركون المعتدون الظالمون في زعمهم أن معه آلهة أخرى ﴿عُلُوًّا كَبِيراً﴾ أي تعاليا كبيرا، بل هو الله الأحد ﴿الصَّمَدُ﴾ الذي ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.
[[سورة الإسراء (١٧): آية ٤٤]]
﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤)﴾
يقول تعالى: تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن، أي من المخلوقات، وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته:
[المتقارب] ففي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد (١).
كما قال تعالى: ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً﴾ [مريم: ٩٠] وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مسكين بن ميمون مؤذن مسجد الرملة، حدثنا عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله ﷺ ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى، كان بين المقام وزمزم، جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فطارا حتى بلغ السموات السبع. فلما رجع قال: «سمعت تسبيحا في السموات العلى مع تسبيح كثير سبحت السموات العلى، من ذي
(١) البيت لأبي العتاهية في ديوانه ص ١٠٤، وتاج العروس (عته)