للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهابة مشفقات لذي العلو بما علا، سبحان العلي الأعلى ».

وقوله: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد الله ﴿وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ أي لا تفقهون تسبيحهم أيها الناس، لأنها بخلاف لغاتكم، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات، وهذا أشهر القولين، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل (١). وفي حديث أبي ذر أن النبي أخذ في يده حصيات فسمع لهن تسبيح كحنين النحل، وكذا في يد أبي بكر وعمر وعثمان ، وهو حديث مشهور في المسانيد وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا زيان عن سهل بن معاذ عن ابن أنس، عن أبيه عن رسول الله أنه دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم «اركبوها سالمة ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها، وأكثر ذكرا لله منه».

وفي سنن النسائي عن عبد الله بن عمرو قال: نهى رسول الله عن قتل الضفدع، وقال «نقيقها تسبيح». وقال قتادة عن عبد الله بن أبي عن عبد الله بن عمرو أن الرجل إذا قال لا إله إلا الله، فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله من أحد عملا حتى يقولها، وإذا قال: الحمد لله، فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبد قط حتى يقولها، وإذا قال: الله أكبر، فهي تملأ ما بين السماء والأرض، وإذا قال: سبحان الله، فهي صلاة الخلائق التي لم يدع الله أحدا من خلقه إلا قرره بالصلاة والتسبيح. وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال: أسلم عبدي واستسلم.

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت مصعب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو قال: أتى النبي أعرابي عليه جبة من طيالسة مكفوفة بديباج، أو مزورة بديباج، فقال: إن صاحبكم هذا يريد أن يرفع كل راع ابن راع ويضع كل رأس ابن رأس، فقام إليه النبي مغضبا، فأخذ بمجامع جبته فاجتذبه فقال:

«لا أرى عليك ثياب من لا يعقل» ثم رجع رسول الله فجلس، فقال: «إن نوحا لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال: إني قاص عليكما الوصية آمركما باثنتين، وأنهاكما عن اثنتين، أنهاكما عن الشرك بالله والكبر، وآمركما بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح ولو أن السموات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليهما، لقصمتهما أو لفصمتهما، وآمركما بسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء» ورواه الإمام


(١) أخرجه البخاري في المناقب باب ٢٥، والدارمي في المقدمة باب ٥، وأحمد في المسند ١/ ٤٦٠.
(٢) المسند ٣/ ٤٣٩.
(٣) المسند ٢/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>