للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشمس إلى نصف النهار، وقال قتادة: وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة (١).

آخر تفسير سورة النازعات، ولله الحمد والمنة.

[تفسير سورة عبس]

وهي مكية

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

[[سورة عبس (٨٠): الآيات ١ إلى ١٦]]

﴿عَبَسَ وَتَوَلّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤) أَمّا مَنِ اِسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاّ يَزَّكّى (٧) وَأَمّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّى (١٠) كَلاّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦)

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله كان يوما يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم وكان ممن أسلم قديما، فجعل يسأل رسول الله عن شيء ويلح عليه، وود النبي أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعا ورغبة في هدايته. وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر فأنزل الله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّى﴾ أي يحصل له زكاة وطهارة في نفسه ﴿أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى﴾ أي يحصل له اتعاظ وانزجار عن المحارم ﴿أَمّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى﴾ أي أما الغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي.

﴿وَما عَلَيْكَ أَلاّ يَزَّكّى﴾ أي ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة ﴿وَأَمّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى﴾ أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له: ﴿فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّى﴾ أي تتشاغل، ومن هاهنا أمر الله تعالى رسوله أن لا يخص بالإنذار أحدا، بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف والفقير والغني والسادة والعبيد والرجال والنساء والصغار والكبار، ثم الله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة. قال الحافظ أبو يعلى في مسنده:

حدثنا محمد بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس في قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى﴾ جاء ابن أم مكتوم إلى النبي وهو يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه، فأنزل الله ﷿ ﴿عَبَسَ وَتَوَلّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى﴾ فكان النبي بعد ذلك يكرمه.

قال قتادة: أخبرني أنس بن مالك قال: رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء يعني ابن أم مكتوم، وقال أبو يعلى وابن جرير (٢): حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي قال:


(١) انظر تفسير الطبري ١٢/ ٤٤٢.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>