للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه من الكتاب وهو القرآن والحكمة، وهي السنة ﴿وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾ أي قبل نزول ذلك عليك، كقوله: ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ﴾ [الشورى: ٥٢] إلى آخر السورة، وقال تعالى: ﴿وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [القصص: ٨٦] ولهذا قال: ﴿وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾.

[[سورة النساء (٤): الآيات ١١٤ إلى ١١٥]]

﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤) وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥)

يقول تعالى: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ﴾ يعني كلام الناس ﴿إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ﴾ أي إلا نجوى من قال ذلك، كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس، قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده، فدخل علينا سعيد بن حسان المخزومي، فقال له سفيان الثوري: الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح، ردّده علي، فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة، قالت: قال رسول الله : «كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله ﷿، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر» فقال سفيان:

أو ما سمعت الله في كتابه يقول: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ﴾ فهو هذا بعينه، أو ما سمعت الله يقول: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً﴾ [النبأ: ٣٨] فهو هذا بعينه، أو ما سمعت الله يقول في كتابه: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ١ - ٢] إلخ؟ فهو هذا بعينه (١)، وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجة من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان به، ولم يذكر أقوال الثوري إلى آخرها، ثم قال الترمذي: حديث غريب، لا يعرف إلا من حديث ابن خنيس.

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، حدثنا صالح بن كيسان، حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله : يقول «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا، أو يقول خيرا»، وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث:

في الحرب والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها، قال:

وكانت أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات اللاتي بايعن رسول الله ، وقد رواه الجماعة سوى


(١) قارن بالدر المنثور ٢/ ٣٨٨.
(٢) مسند أحمد ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>