للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذنبه، إلا كان حقا على الله أن يغفر له» لأن الله يقول: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ الآية، ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي، عن الصديق، بنحوه، وهذا إسناد لا يصح. وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح حدثني كعب بن ذهل الأزدي قال: سمعت أبا الدرداء يحدث قال: كان رسول الله إذا جلسنا حوله، وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع، ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه، وإنه قام فترك نعليه، قال أبو الدرداء: فأخذ ركوة من ماء فاتبعته فمضى ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته، فقال: «إنه أتاني آت من ربي فقال: إنه ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ فأردت أن أبشر أصحابي».

قال أبو الدرداء: وكانت قد شقت على الناس الآية التي قبلها ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣] فقلت: يا رسول الله، وإن زنى وإن سرق، ثم استغفر ربه غفر له؟ قال «نعم».

ثم قلت الثانية، قال «نعم». قلت الثالثة، قال «نعم» وإن زنى وإن سرق ثم استغفر الله، غفر الله له على رغم أنف أبي الدرداء». قال: فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بإصبعه، هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه بهذا السياق، وفي إسناده ضعف.

وقوله: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ﴾ الآية، كقوله تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ [الأنعام: ١٦٤]، يعني أنه لا يغني أحد عن أحد، وإنما على كل نفس ما عملت لا يحمل عنها غيرها، ولهذا قال تعالى: ﴿وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ أي من علمه وحكمته، وعدله ورحمته كان ذلك، ثم قال: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً﴾ الآية، يعني كما اتهم بنو أبيرق بصنيعهم القبيح ذلك الرجل الصالح وهو لبيد بن سهل كما تقدم في الحديث أو زيد بن السمين اليهودي على ما قاله الآخرون، وقد كان بريئا وهم الظلمة الخونة، كما أطلع الله على ذلك رسوله ، ثم هذا التقريع وهذا التوبيخ عام فيهم وفي غيرهم ممن اتصف بصفتهم فارتكب مثل خطيئتهم، فعليه مثل عقوبتهم.

وقوله: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ﴾ وقال الإمام ابن أبي حاتم: أنبأنا هاشم بن القاسم الحراني فيما كتب إلي، حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن أبيه، عن جده قتادة بن النعمان، وذكر قصة بني أبيرق، فأنزل الله ﴿لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ﴾ يعني أسيد بن عروة وأصحابه، يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتهمهم وهم صلحاء برآء، ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله ، ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله ثم امتن عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال، وعصمته له، وما أنزل

<<  <  ج: ص:  >  >>