للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَكانُوا (مِنْ قَبْلُ) يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال: يستنصرون، يقولون: نحن نعين محمدا عليهم، وليسوا كذلك بل يكذبون.

وقال محمد بن إسحاق: أخبرني محمد بن أبي محمد، أخبرني عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن يهودا كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب، كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور وداود بن سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، ما هو الذي كنا نذكر لكم، فينزل الله في ذلك من قولهم:

﴿وَلَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ﴾ الآية.

وقال العوفي عن ابن عباس ﴿وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يقول:

يستنصرون بخروج محمد على مشركي العرب، يعني بذلك أهل الكتاب، فلما بعث محمد ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه. وقال أبو العالية: كانت اليهود تستنصر بمحمد على مشركي العرب، يقولون: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم. فلما بعث الله محمدا ورأوا أنه من غيرهم، كفروا به حسدا للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله ، فقال الله تعالى: ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ وقال قتادة ﴿وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال: وكانوا يقولون: إنه سيأتي نبي. ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ وقال مجاهد ﴿فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ قال: هم اليهود.

[[سورة البقرة (٢): آية ٩٠]]

﴿بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠)

قال مجاهد ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ يهود شروا الحق بالباطل وكتمان ما جاء به محمد بأن يبينوه، وقال السدي ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ يقول: باعوا به أنفسهم، يقول: بئسما اعتاضوا لأنفسهم فرضوا به وعدلوا إليه من الكفر بما أنزل الله على محمد عن تصديقه وموازرته ونصرته، وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية ل ﴿أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ ولا حسد أعظم من هذا.

قال ابن إسحاق، عن محمد، عن عكرمة أو سعيد، عن ابن عباس ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ أي أن الله جعله من غيرهم.

﴿فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ﴾ قال ابن عباس: في الغضب على الغضب عليهم فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>