للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول وأنه كتاب مفصل مبين كقوله ﴿كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ [هود: ١] الآية، وقوله ﴿فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ﴾ للعالمين أي على علم منا بما فصلناه به كقوله ﴿أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ [النساء:١٦٦] قال ابن جرير وهذه الآية مردودة على قوله ﴿كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف: ٢] الآية، ﴿وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ﴾ الآية، وهذا الذي قاله فيه نظر فإنه قد طال الفصل ولا دليل عليه وإنما الأمر أنه لما أخبر بما صاروا إليه من الخسارة في الآخرة ذكر أنه قد أزاح عللهم في الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب كقوله ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: ١٥] ولهذا قال ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ﴾ أي ما وعدوا به من العذاب والنكال والجنة والنار قاله مجاهد وغير واحد، وقال مالك: ثوابه.

وقال الربيع: لا يزال يجيء من تأويله أمر حتى يتم يوم الحساب حتى يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار فيتم تأويله يومئذ وقوله ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ أي يوم القيامة قاله ابن عباس ﴿يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ﴾ أي تركوا العمل به وتناسوه في الدار الدنيا ﴿قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا﴾ أي في خلاصنا مما صرنا إليه مما نحن فيه ﴿أَوْ نُرَدُّ﴾ إلى الدار الدنيا ﴿فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ﴾ كقوله ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ [الأنعام: ٢٧ - ٢٨] كما قال هاهنا ﴿قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي خسروا أنفسهم بدخولهم النار وخلودهم فيها ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي ذهب عنهم ما كانوا يعبدونهم من دون الله فلا يشفعون فيهم ولا ينصرونهم ولا ينقذونهم مما هم فيه.

[[سورة الأعراف (٧): آية ٥٤]]

﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤)

يخبر تعالى أنه خلق العالم سمواته وأرضه وما بين ذلك في ستة أيام كما أخبر بذلك في غير ما آية من القرآن، والستة الأيام هي: الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة وفيه اجتمع الخلق كله وفيه خلق آدم واختلفوا في هذه الأيام هل كل يوم منها كهذه الأيام كما هو المتبادر إلى الأذهان أو كل يوم كألف سنة كما نص على ذلك مجاهد والإمام أحمد بن حنبل ويروى ذلك من رواية الضحاك عن ابن عباس، فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق لأنه اليوم السابع ومنه سمي السبت وهو القطع.

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١) في مسنده حيث قال: حدثنا حجاج حدثنا ابن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي


(١) المسند ٢/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>