للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا محمد ليهود بني إسرائيل إذا قلت لهم أمنوا بما أنزل الله، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا لم تقتلون -إن كنتم مؤمنين بما أنزل الله-أنبياء الله يا معشر اليهود وقد حرم الله في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم، بل أمركم باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم؟ وذلك من الله تكذيب لهم في قولهم:

نؤمن بما أنزل علينا وتعيير لهم.

﴿وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ﴾ أي بالآيات الواضحات والدلائل القاطعات على أنه رسول الله، وأنه لا إله إلا الله، والآيات البينات هي: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد، وفلق البحر وتظليلهم بالغمام والمن والسلوى والحجر وغير ذلك من الآيات التي شاهدوها (ثم اتخذتم العجل) أي معبودا من دون الله في زمان موسى وأيامه، وقوله: من بعده، أي من بعد ما ذهب عنكم إلى الطور لمناجاة الله ﷿، كما قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ﴾ [الأعراف: ١٤٨]، ﴿وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ﴾، أي وأنتم ظالمون في هذا الصنيع الذي صنعتموه من عبادتكم العجل وأنتم تعلمون أنه لا إله إلا الله كما قال تعالى: ﴿وَلَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٩].

[[سورة البقرة (٢): آية ٩٣]]

﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاِسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩٣)

يعدد عليهم خطأهم، ومخالفتهم للميثاق، وعتوهم وإعراضهم عنه، حتى رفع الطور عليهم حتى قبلوه ثم خالفوه ولهذا ﴿قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا﴾ وقد تقدم تفسير ذلك.

﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ قال عبد الرزاق، عن معمر عن قتادة ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ قال: أشربوا حبه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم، وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس. وقال الإمام أحمد (١): حدثنا عصام بن خالد، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي : قال «حبك الشيء يعمي ويصم» ورواه أبو داود عن حيوة بن شريح، عن بقية، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به، وقال السدي: أخذ موسى العجل فذبحه بالمبرد (٢)، ثم ذراه في البحر، ثم لم يبق بحر يجري يومئذ إلا وقع فيه شيء [منه]، ثم قال لهم موسى، اشربوا منه، فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب، فذلك حين يقول الله


(١) المسند (ج ٥ ص ١٩٤)
(٢) في الطبري ١/ ٤٦٧: «فذبحه ثم حرقه بالمبرد». قال في لسان العرب: حرق الحديد بالمبرد: برده وحك بعضه ببعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>