للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا جَوَابٌ جَيِّدٌ. الثَّالِثُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ كَالتَّأْلِيفِ لِبَقِيَّةِ الْمُلُوكِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ» وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ هَاهُنَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ وَاسْمُهُ نجيح بن عبد الرحمن السدي الْمَدَنِيُّ بِهِ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» «١» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَبِي مَعْشَرٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، ثُمَّ قال الترمذي: حدثني الحسن بن بكر المروزي، أخبرنا المعلى بن منصور أخبرنا عبد الله بن جعفر المخرمي، عن عثمان بن محمد بن الأخنسي عن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» ثُمَّ قال الترمذي: هذا صَحِيحٌ، وَحَكَى عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ وَأَصَحُّ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» مِنْهُمْ عمر بن الخطاب وعلي وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا جَعَلْتَ الْمَغْرِبَ عَنْ يَمِينِكَ وَالْمَشْرِقَ عَنْ يَسَارِكَ فَمَا بَيْنَهُمَا قِبْلَةٌ، إِذَا اسْتُقْبِلَتِ الْقِبْلَةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أخبرنا يعقوب بن يوسف مولى بني هاشم، أخبرنا شعيب بن أيوب أخبرنا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: وَقَالَ الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَوْلُهُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» وَيُحْتَمَلُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ فِي دُعَائِكُمْ لِي فَهُنَالِكَ وَجْهِي أَسْتَجِيبُ لكم دعاءكم، كما حدثنا القاسم، أخبرنا الْحُسَيْنُ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ قَالَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ لَمَّا نَزَلَتْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غَافِرٍ: ٦٠] قَالُوا إِلَى أَيْنَ؟ فَنَزَلَتْ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال ابن جرير: ومعنى قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ يَسَعُ خَلْقَهُ كلهم بالكفاية والجود والإفضال، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلِيمٌ فَإِنَّهُ يَعْنِي عَلِيمٌ بِأَعْمَالِهِمْ مَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا يَعْزُبُ عن علمه بل هو بجميعها عليم.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٦ الى ١١٧]

وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)

اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ وَالتِي تَلِيهَا عَلَى الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى عليهم لعائن الله وكذا من


(١) الترمذي (صلاة باب ١٣٩) وابن ماجة (إقامة باب ٥٦) . والموطأ للإمام مالك (قبلة حديث ٨) .
(٢) تفسير الطبري ١/ ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>