للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل، أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بن عبد اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أبي أخبرنا عبد الملك العزرمي عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً كُنْتُ فِيهَا فَأَصَابَتْنَا ظُلْمَةٌ، فَلَمْ نَعْرِفِ الْقِبْلَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَّا: قَدْ عَرَفْنَا الْقِبْلَةَ هِيَ هَاهُنَا قبل الشمال فَصَلَّوْا وَخَطُّوا خُطُوطًا فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ أَصْبَحَتْ تِلْكَ الْخُطُوطُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَلَمَّا قَفَلْنَا مِنْ سَفَرِنَا سَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَتَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العزرمي عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وأنا أسمع حدثكم داود بن عمرو أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَأَصَابَنَا غَيْمٌ فَتَحَيَّرْنَا فَاخْتَلَفْنَا فِي القبلة فصلى كل رجل مِنَّا عَلَى حِدَةِ وَجَعَلَ أَحَدُنَا يَخُطُّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَنَعْلَمَ أَمْكِنَتَنَا فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَ: قَدْ أَجَزَّأَتْ صَلَاتُكُمْ، ثُمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَذَا قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ عن محمد بن عبيد الله العزرمي عن عطاء وهما ضعيفان. ورواه ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَأَخَذَتْهُمْ ضَبَابَةٌ فَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى الْقِبْلَةِ فَصَلَّوْا لغير القبلة ثم استبان لهم بعد أن طلعت الشَّمْسِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَلَمَّا جُاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حدثوه فأنزل الله تعالى في هَذِهِ الْآيَةَ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ فِيهَا ضَعْفٌ، وَلَعَلَّهُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَأَمَّا إِعَادَةُ الصَّلَاةِ لِمَنْ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ وَهَذِهِ دَلَائِلُ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سَبَبِ النَّجَاشِيِّ كَمَا حَدَّثَنَا محمد بن بشار، أخبرنا هِشَامُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنْ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ، قَالُوا نُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ؟ قَالَ: فنزلت وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٩] قَالَ قَتَادَةُ: فَقَالُوا إنه كَانَ لَا يُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ وَهَذَا غَرِيبٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ النَّاسِخَ إِلَى الْكَعْبَةِ، كَمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ «١» عَنْ قَتَادَةَ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِذَلِكَ مِنْ ذَهَبَ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ، قَالَ: وَهَذَا خَاصٌّ عِنْدَ أصحابنا من ثلاثة أوجه- أحدهما- أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، شَاهَدَهُ حِينَ صَلَّى عَلَيْهِ طُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ. الثَّانِي أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَلِكٌ مُسْلِمٌ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى دِينِهِ، وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ هَذَا لَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَرْعِيَّةُ الصلاة على الميت.


(١) تفسير القرطبي ٢/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>