للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة ص]

وهي مكية

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

[[سورة ص (٣٨): الآيات ١ إلى ٣]]

﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣)

أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هاهنا.

وقوله تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ أي والقرآن المشتمل على ما فيه ذكر للعباد ونفع لهم في المعاش والمعاد قال الضحاك في قوله تعالى: ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ أي تذكيركم وكذا قال قتادة واختاره ابن جرير (١). وقال ابن عباس وسعيد بن جبير وإسماعيل بن أبي خالد وابن عيينة وأبو حصين وأبو صالح والسدي ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ ذي الشرف أي ذي الشأن والمكانة، ولا منافاة بين القولين فإنه كتاب شريف مشتمل على التذكير والإعذار والإنذار واختلفوا في جواب هذا القسم فقال بعضهم هو قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ﴾ [ص: ١٤] وقيل قوله تعالى: ﴿إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ﴾ [ص: ٦٤] حكاهما ابن جرير (٢) وهذا الثاني فيه بعد كثير وضعفه ابن جرير، وقال قتادة جوابه ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ﴾ واختاره ابن جرير وقيل: جوابه ما تضمنه سياق السورة بكمالها والله أعلم وقال قتادة جوابه ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ﴾ واختاره ابن جرير ثم حكى ابن جرير (٣) عن بعض أهل العربية أنه قال جوابه جعلها ﴿ص﴾ بمعنى صدق حق ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾.

وقوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ﴾ أي: إن هذا القرآن لذكرا لمن يتذكر. وعبرة لمن يعتبر وإنما لم ينتفع به الكافرون لأنهم من عزة أي استكبار عنه وحمية ﴿وَشِقاقٍ﴾ أي ومخالفة له ومعاندة ومفارقة، ثم خوفهم ما أهلك به الأمم المكذبة قبلهم بسبب مخالفتهم للرسل وتكذيبهم الكتب المنزلة من السماء، فقال تعالى: ﴿كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ أي من أمة مكذبة ﴿فَنادَوْا﴾ أي حين جاءهم العذاب استغاثوا وجأروا إلى الله تعالى وليس ذلك بمجد عنهم شيئا كما قال ﷿: ﴿فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ﴾ أي يهربون ﴿لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ﴾ [الأنبياء: ١٢ - ١٣] قال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن التميمي قال: سألت ابن عباس


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٥٤٦.
(٢) تفسير الطبري ١٠/ ٥٤٦.
(٣) تفسير الطبري ١٠/ ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>