للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها قدر حديد الدنيا، وقال العوفي عن ابن عباس وابن جريج: بذراع الملك، وقال ابن جريج: قال ابن عباس ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾ تدخل في استه ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى. وقال العوفي عن ابن عباس: يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه.

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : «لو أن رصاصة مثل هذه-وأشار إلى جمجمة-أرسلت من السماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمسمائة سنة، لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها» (٢) وأخرجه الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به، وقال: هذا حديث حسن.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ﴾ أي لا يقوم بحق الله عليه من طاعته وعبادته ولا ينفع خلقه ويؤدي حقهم، فإن لله على العباد أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا، وللعباد بعضهم على بعض حق الإحسان والمعاونة على البر والتقوى، ولهذا أمر الله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وقبض النبي وهو يقول: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» (٣) وقوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلاّ مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ﴾ أي ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله تعالى لا حميم وهو القريب، ولا شفيع يطاع، ولا طعام له هاهنا إلا من غسلين، قال قتادة: هو شر طعام أهل النار. وقال الربيع والضحاك: هو شجرة في جهنم، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثنا أبو سعيد المؤدب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس قال: الغسلين الدم والماء يسيل من لحومهم. وقال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين صديد أهل النار (٤).

[[سورة الحاقة (٦٩): الآيات ٣٨ إلى ٤٣]]

﴿فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣)

يقول تعالى مقسما لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم: إن القرآن كلامه ووحيه وتنزيله


(١) المسند ٢/ ١٩٧.
(٢) أخرجه الترمذي في صفة جهنم باب ٦.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٧٨، ٣/ ١١٧، ٦/ ٢٩٠، ٣١١، ٣١٥، ٣٢١.
(٤) انظر تفسير الطبري ١٢/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>