للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله، فكان آية عظيمة، ومعجزة باهرة صلوات الله وسلامه عليه.

وفي حديث معاذ الذي رواه الإمام أحمد والترمذي في قصة المنام والدعاء الذي فيه «وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون» (١).

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا أبو سلمة، أنبأنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد مرفوعا أن النبي قال: «اثنتان يكرههما ابن آدم: يكره الموت والموت خير للمؤمن من الفتن، ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب» فعند حلول الفتن في الدين يجوز سؤال الموت، ولهذا قال علي بن أبي طالب في آخر خلافته لما رأى أن الأمور لا تجتمع له ولا يزداد الأمر إلا شدة، فقال: اللهم خذني إليك، فقد سئمتهم وسئموني. وقال البخاري : لما وقعت له تلك الفتنة وجرى له مع أمير خراسان ما جرى، قال: اللهم توفني إليك.

وفي الحديث «إن الرجل ليمر بالقبر-أي في زمان الدجال-فيقول: يا ليتني مكانك» (٣) لما يرى من الفتن. والزلازل والبلابل والأمور الهائلة التي هي فتنة لكل مفتون. قال أبو جعفر بن جرير: وذكر أن بني يعقوب الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا، استغفر لهم أبوهم، فتاب الله عليهم، وعفا عنهم، وغفر لهم ذنوبهم.

[(ذكر من قال ذلك)]

حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثني حجاج عن صالح المري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: إن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله بعينيه خلا ولده نجيا، فقال بعضهم لبعض: ألستم قد علمتم ما صنعتم؟ وما لقي منكم الشيخ، وما لقي منكم يوسف؟ قالوا:

بلى. قال فيغركم عفوهما عنكم، فكيف لكم بربكم؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ، فجلسوا بين يديه ويوسف إلى جانب أبيه قاعد، قالوا: يا أبانا إنا أتيناك لأمر لم نأتك لأمر مثله قط، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله قط حتى حركوه، والأنبياء أرحم البرية، فقال:

ما لكم يا بني؟ قالوا: ألست قد علمت ما كان منا إليك وما كان منا إلى أخينا يوسف؟ قال: بلى قالوا: أولستما قد غفرتما لنا؟ قالا: بلى. قالوا: فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا، إن كان الله لم يعف عنا. قال: فما تريدون يا بني؟ قالوا: نريد أن تدعو الله لنا، فإذا جاءك


(١) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٣٨، باب ٢، ٤، ومالك في القرآن حديث ٩٠، وأحمد في المسند ١/ ٣٦٨، ٤/ ٦٦، ٥/ ٢٤٣، ٣٧٨.
(٢) المسند ٥/ ٤٢٧.
(٣) أخرجه ابن ماجة في الفتن باب ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>