للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال: ﴿أَخاهُمْ شُعَيْباً﴾ يأمرهم بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له وينهاهم عن التطفيف في المكيال والميزان ﴿إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ﴾ أي في معيشتكم ورزقكم وإني أخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم الله ﴿وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾ أي في الدار الآخرة.

[[سورة هود (١١): الآيات ٨٥ إلى ٨٦]]

﴿وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)

ينهاهم أولا عن نقص المكيال والميزان إذا أعطوا الناس، ثم أمرهم بوفاء الكيل والوزن بالقسط آخذين ومعطين ونهاهم عن العثو في الأرض بالفساد وقد كانوا يقطعون الطريق، وقوله: ﴿بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قال ابن عباس: رزق الله خير لكم وقال الحسن رزق الله خير لكم من بخسكم الناس، وقال الربيع بن أنس وصية الله خير لكم، وقال مجاهد: طاعة الله وقال:

قتادة حظكم من الله خير لكم، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الهلاك في العذاب والبقية في الرحمة.

وقال أبو جعفر بن جرير (١) ﴿بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أي ما يفضل لكم من الريح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس قال وقد روي هذا عن ابن عباس قلت ويشبه قوله تعالى: ﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ [المائدة: ١٠٠] الآية، وقوله: ﴿وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾ أي برقيب ولا حفيظ أي افعلوا ذلك لله ﷿ لا تفعلوه ليراكم الناس بل لله ﷿.

[[سورة هود (١١): آية ٨٧]]

﴿قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)

يقولون له على سبيل التهكم قبحهم الله ﴿أَصَلاتُكَ﴾ قال الأعمش أي قراءتك ﴿تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ أي الأوثان والأصنام ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا﴾ فنترك التطفيف على قولك وهي أموالنا نفعل فيها ما نريد، قال الحسن في قوله: ﴿أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ أي والله إن صلاته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم، وقال الثوري في قوله: ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا﴾ يعنون الزكاة ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ قال ابن عباس وميمون بن مهران وابن جريج وابن أسلم وابن جرير يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الاستهزاء قبحهم الله ولعنهم عن رحمته وقد فعل.


(١) تفسير الطبري ٧/ ٩٨، ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>