وقوله: ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾ قال مجاهد: قال أبي بن كعب: هو يوم بدر، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير. قال عكرمة ومجاهد في رواية عنهما: هو يوم القيامة، لا ليل له، وكذا قال الضحاك والحسن البصري، وهذا القول هو الصحيح، وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به لكن هذا هو المراد، ولهذا قال:
يخبر تعالى عمن خرج مهاجرا في سبيل الله ابتغاء مرضاته وطلبا لما عنده، وترك الأوطان والأهلين والخلان، وفارق بلاده في الله ورسوله، ونصرة لدين الله ثم قتلوا، أي في الجهاد، أو ماتوا أي حتف أنفهم أي من غير قتال على فرشهم، فقد حصلوا على الأجر الجزيل والثناء الجميل، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾ [النساء: ١٠٠]. وقوله: ﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً﴾ أي ليجرين عليهم من فضله ورزقه من الجنة ما تقر به أعينهم ﴿وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ﴾ أي الجنة كما قال تعالى: ﴿فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ﴾ [الواقعة: ٨٨ - ٨٩] فأخبر أنه يحصل له الراحة والرزق وجنة النعيم، كما قال هاهنا: ﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً﴾ ثم قال ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ﴾ أي بمن يهاجر ويجاهد في سبيله وبمن يستحق ذلك ﴿حَلِيمٌ﴾ أي يحلم ويصفح ويغفر لهم الذنوب، ويكفرها عنهم بهجرتهم إليه وتوكلهم عليه.
فأما من قتل في سبيل الله من مهاجر أو غير مهاجر، فإنه حي عند ربه يرزق كما قال تعالى: