للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو بن العاص، به فذكر نحوه، فعبد الله هذا هو ابن صالح، كما صرح به في كتاب الأدب، وزعم ابن مسعود الدمشقي أنه عبد الله بن رجاء، وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية من البقرة، عن أحمد بن الحسن بن أيوب عن محمد بن أحمد بن البراء، عن المعافى بن سليمان عن فليح به وزاد: قال عطاء: ثم لقيت كعب الأحبار فسألته، فما اختلفا في حرف إلا أن كعبا قال: بلغته أعينا عمومى، وآذانا صمومى، وقلوبا غلوفا.

[[سورة البقرة (٢): الآيات ١٢٠ إلى ١٢١]]

﴿وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اِتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١)

قال ابن جرير (١): يعني بقوله جل ثناؤه: ﴿وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق.

وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى﴾ أي: قل يا محمد إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى، يعني هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل، قال قتادة في قوله: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى﴾ قال: خصومة علمها الله محمدا وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة، قال قتادة: وبلغنا أن رسول الله كان يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» (٢)، (قلت): هذا الحديث مخرج في الصحيح عن عبد الله بن عمرو.

﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ فيه تهديد ووعيد شديد للأمة، عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعد ما علموا من القرآن والسنة، عياذا بالله من ذلك فإن الخطاب مع الرسول والأمر لأمته؛ وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله: ﴿حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة، كقوله تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: ٦] فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا، لأنهم كلهم ملة واحدة وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه، وقال في الرواية الأخرى كقول مالك، إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى، كما جاء في الحديث، والله أعلم.

وقوله: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ﴾ قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: هم


(١) تفسير الطبري ١/ ٥٦٥.
(٢) صحيح البخاري (اعتصام باب ١٠) وصحيح مسلم (إيمان حديث ٢٤٧، وجهاد وحديث ٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>