للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جريج: أمرهم أن يتزوجوا النساء ولم يعرض عليهم سفاحا (١)، وقال سعيد بن جبير: يعني نساءهم هن بناته وهو أب لهم ويقال في بعض القراءات «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم» [الأحزاب: ٦] وكذا روي عن الربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم وقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي﴾ أي اقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ أي فيه خير يقبل ما آمره به ويترك ما أنهاه عنه ﴿قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ﴾ أي إنك لتعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن ﴿وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ﴾ أي ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك؟ قال السدي ﴿وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ﴾ إنما نريد الرجال (٢).

[[سورة هود (١١): الآيات ٨٠ إلى ٨١]]

﴿قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ اِمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١)

يقول تعالى مخبرا عن نبيه لوط إن لوطا توعدهم بقوله: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾ الآية أي لكنت نكلت بكم وفعلت بكم الأفاعيل بنفسي وعشيرتي، ولهذا ورد في الحديث من طريق محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد-يعني الله ﷿-فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة (٣) من قومه» (٤) فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل الله إليهم وأنهم لا وصول لهم إليه.

﴿قالُوا يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل وأن يتبع أدبارهم أي يكون ساقة لأهله ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ أي إذا سمعت ما نزل بهم ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة ولكن استمروا ذاهبين ﴿إِلاَّ امْرَأَتَكَ﴾ قال الأكثرون هو استثناء من المثبت وهو قوله: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾ تقديره ﴿إِلاَّ امْرَأَتَكَ﴾ وكذلك قرأها ابن مسعود، ونصب هؤلاء امرأتك لأنه من مثبت فوجب نصبه عندهم، وقال آخرون من القراء والنحاة هو استثناء من قوله ﴿وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ﴾ فجوزوا الرفع والنصب.

وذكر هؤلاء أنها خرجت معهم وأنها لما سمعت الوجبة (٥) التفتت وقالت: وا قوماه فجاءها


(١) تفسير الطبري ٧/ ٨٣.
(٢) انظر تفسير الطبري ٧/ ٨٤.
(٣) في ثروة من قومه: أي في عدد كثير من قومه.
(٤) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ١٢، باب ٢، وأحمد في المسند ٢/ ٣٣٢، ٣٨٤.
(٥) الوجبة: الرجفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>