للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الطبراني: حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا عمر بن سهل حدثنا عبيد الله بن تمام عن خالد الحذاء عن بشر بن شغاف عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله «ما شيء أكرم على الله يوم القيامة من ابن آدم» قيل يا رسول الله ولا الملائكة قال «ولا الملائكة، الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر» وهذا حديث غريب جدا.

[[سورة الإسراء (١٧): الآيات ٧١ إلى ٧٢]]

﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)

يخبر عن يوم القيامة أنه يحاسب كل أمة بإمامهم، وقد اختلفوا في ذلك فقال مجاهد وقتادة أي نبيهم وهذا كقوله تعالى ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ [يونس: ٤٧] الآية وقال بعض السلف هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث لأن إمامهم النبي وقال ابن زيد بكتابهم الذي أنزل على نبيهم من التشريع واختاره ابن جرير وروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: بكتبهم (١) فيحتمل أن يكون أراد هذا وأن يكون أراد ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ﴾ أي بكتاب أعمالهم وكذا قال أبو العالية والحسن والضحاك وهذا القول هو الأرجح لقوله تعالى ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢] وقال تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ﴾ [الكهف:٤٩] الآية ويحتمل أن المراد بإمامهم أي كل قوم بمن يأتمون به فأهل الإيمان ائتموا بالأنبياء وأهل الكفر ائتموا بأئمتهم كما قال ﴿وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ﴾ [القصص:٤١] وفي الصحيحين «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع ما كان يعبد الطواغيت» (٢) الحديث.

وقال تعالى ﴿وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٨ - ٢٩] وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته فإنه لا بد أن يكون شاهدا على أمته بأعمالها كقوله تعالى ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ﴾ [الزمر: ٦٩] وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً﴾ [النساء: ٤١] ولكن المراد هاهنا بالإمام هو كتاب الأعمال ولذا قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ﴾ أي من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح يقرأه ويحب قراءته كقوله: ﴿فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ﴾ -إلى قوله- ﴿وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ﴾ [الحاقة: ١٩ - ٢٦] الآيات، وقوله تعالى ﴿وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾


(١) انظر تفسير الطبري ٨/ ١١٦.
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٢٤، والرقاق باب ٥٢، ومسلم في الإيمان حديث ٢٩٩، وأحمد في المسند ٢/ ٢٧٥، ٢٩٣، ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>