يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه وما كان يعتمد في حقهم من الإساءة العظيمة من قتل الأبناء واستحياء النساء واستعمالهم في أخس الأشياء ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم وأقر أعينهم منهم فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم ثم أنزل الله ﷿ على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين وهو التوراة كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً﴾ [الأنبياء: ٤٨] وقال ﷿ هاهنا: ﴿وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أي في الأقوال والأفعال ﴿وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ﴾ أي أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم فسره بقوله تعالى: ﴿سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾.
قال قتادة ومحمد بن إسحاق يقال إلياس هو إدريس، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيدة بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: إلياس هو إدريس، وكذا قال الضحاك وقال وهب بن منبه هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران بعثه الله تعالى في بني إسرائيل بعد حزقيل ﵉ وكانوا قد عبدوا صنما يقال له بعل فدعاهم إلى الله تعالى ونهاهم عن عبادة ما سواه، وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد واستمروا على ضلالتهم ولم يؤمن به منهم أحد فدعا الله عليهم فحبس عنهم القطر ثلاث سنين ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ووعدوه الإيمان به إن هم أصابهم المطر، فدعا الله تعالى لهم فجاءهم الغيث فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر فسأل الله أن يقبضه إليه، وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطوب عليهما الصلاة والسلام فأمر إلياس أن يذهب إلى مكان كذا وكذا فمهما جاءه فليركبه ولا يهبه فجاءته فرس من نار فركب وألبسه الله تعالى النور وكساه الريش وكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا سماويا أرضيا هكذا حكاه وهب بن منبه عن أهل الكتاب والله أعلم بصحته (١).
﴿إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ﴾ أي ألا تخافون الله ﷿ في عبادتكم غيره ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ﴾ قال ابن عباس ﵄ ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي بعلا يعني ربا. قال عكرمة وقتادة وهي لغة أهل اليمن، وفي رواية عن قتادة قال: وهي لغة أزد