للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا، وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أُسِرَ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، أُسِرَ الْعَبَّاسُ فِيمَنْ أُسِرَ، أَسَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ وَقَدْ أَوْعَدَتْهُ الْأَنْصَارُ أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي لَمْ أَنَمِ اللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِ عَمِّي الْعَبَّاسِ، وَقَدْ زَعَمَتِ الْأَنْصَارُ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ» فَقَالَ لَهُ عمر أفآتهم؟ فقال «نَعَمْ» ، فَأَتَى عُمَرُ الْأَنْصَارَ فَقَالَ لَهُمْ: أَرْسِلُوا الْعَبَّاسَ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نُرْسِلُهُ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: فَإِنْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِضًى؟ قَالُوا فَإِنْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِضًى فَخُذْهُ، فَأَخَذَهُ عُمَرُ فَلَمَّا صَارَ فِي يَدِهِ، قال له: يا عباس أسلم فو الله لَأَنْ تُسْلِمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُسْلِمَ الْخَطَّابُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ إِسْلَامُكَ، قال وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بكر فيهم، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَشِيرَتُكَ فَأَرْسِلْهُمْ، فَاسْتَشَارَ عُمَرَ فَقَالَ: اقْتُلْهُمْ فَفَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى الْآيَةَ، قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

وَقَالَ سفيان الثوري عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ: خَيِّرْ أصحابك في الأسارى، إن شاؤوا الفداء، وإن شاؤوا القتل، على أن يقتل عاما مقبلا منهم مِثْلَهُمْ، قَالُوا: الْفِدَاءُ وَيُقْتَلُ مِنَّا»

، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ بِهِ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَالَ ابن عون عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُسَارَى يَوْمِ بَدْرٍ:

«إِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَادَيْتُمُوهُمْ، وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتَشْهَدَ مِنْكُمْ بِعِدَّتِهِمْ» قَالَ فَكَانَ آخِرُ السَّبْعِينَ، ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدَةَ مُرْسَلًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ عَذابٌ عَظِيمٌ. قَالَ غَنَائِمُ بَدْرٍ قَبْلَ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُمْ، يَقُولُ:

لَوْلَا أَنِّي لَا أُعَذِّبُ مَنْ عَصَانِي، حَتَّى أَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ «٢» ، وَكَذَا رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ الأعمش: سبق منه أن لا يُعَذِّبَ أَحَدًا شَهِدَ بَدْرًا، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ، وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ أَيْ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوُهُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحِمَهُ الله.


(١) أخرجه الترمذي في السير باب ١٨.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>