للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمتعجب «ما على عثمان ما عمل بعد هذا» (١).

وقال عبد الله أيضا: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ضمرة، حدثنا عبد الله بن شوذب، عن عبد الله بن القاسم عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة، قال:

جاء عثمان إلى النبي بألف دينار في ثوبه حتى جهز النبي جيش العسرة، قال: فصبها في حجر النبي فرأيت النبي يقلبها بيده ويقول: «ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم» يرددها مرارا (٢)، وقال قتادة في قوله تعالى: ﴿وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاّ كُتِبَ لَهُمْ﴾ الآية. ما ازداد قوم في سبيل الله بعدا من أهليهم إلا ازدادوا قربا من الله.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢٢]]

﴿وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)

هذا بيان من الله تعالى لما أراد من نفير الأحياء مع رسول الله في غزوة تبوك، فإنه قد ذهبت طائفة من السلف إلى أنه كان يجب النفير على كل مسلم إذا خرج رسول الله ولهذا قال تعالى: ﴿اِنْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً﴾ [التوبة: ٤١] وقال ﴿ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ﴾ [التوبة: ١٢١] الآية، قال فنسخ ذلك بهذه الآية. وقد يقال إن هذا بيان لمراده تعالى من نفير الأحياء كلها وشرذمة من كل قبيلة إن لم يخرجوا كلهم، ليتفقه الخارجون مع الرسول بما ينزل من الوحي عليه وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم بما كان من أمر العدو، فيجتمع لهم الأمران في هذا النفير المعين، وبعده تكون الطائفة النافرة من الحي إما للتفقه وإما للجهاد، فإنه فرض كفاية على الأحياء.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية ﴿وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ يقول:

ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ويتركوا النبي وحده ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ﴾ يعني عصبة يعني السرايا ولا يسيروا إلا بإذنه، فإذا رجعت السرايا وقد أنزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون مع النبي ، وقالوا إن الله قد أنزل على نبيكم قرآنا وقد تعلمناه فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم بعدهم ويبعث سرايا أخرى، فذلك قوله: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ يقول: ليتعلموا ما أنزل الله على نبيهم وليعلموا السرايا إذا رجعت إليهم، ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (٣).

وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في أناس من أصحاب النبي ، خرجوا في البوادي فأصابوا من الناس معروفا، ومن الخصب ما ينتفعون به، ودعوا من وجدوا من الناس إلى


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٧٥.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٦٣.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦/ ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>