للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الضحاك عن ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين، وهكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم، وقد استدل بهذه الآية الكريمة بعض العلماء على ضعف الحديث الذي يأثره كثير من الناس: من أكل مع مغفور له غفر له. وهذا الحديث لا أصل له وإنما يروى هذا عن بعض الصالحين أنه رأى النبي في المنام فقال: يا رسول الله أنت قلت من أكل مع مغفور له غفر له؟ قال: لا ولكني الآن أقوله.

[[سورة التحريم (٦٦): الآيات ١١ إلى ١٢]]

﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ اِبْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ اِبْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (١٢)

وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين أنهم لا تضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم كما قال تعالى: ﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً﴾ [آل عمران: ٢٨] قال قتادة: كان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها، ليعلموا أن الله تعالى حكم عدل لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه. وقال ابن جرير (١): حدثنا إسماعيل بن حفص الإربليّ، حدثنا محمد بن جعفر عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سليمان قال: كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنة، ثم رواه عن محمد بن عبيد المحاربي عن أسباط بن محمد عن سليمان التيمي به.

ثم قال ابن جرير (٢): حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية عن هشام الدستوائي، حدثنا القاسم بن أبي بزة قال: كانت امرأة فرعون تسأل من غلب؟ فيقال: غلب موسى وهارون، فتقول: آمنت برب موسى وهارون، فأرسل إليها فرعون فقال: انظروا أعظم صخرة تجدونها، فإن مضت على قولها فألقوها عليها، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته، فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء فأبصرت بيتها في الجنة، فمضت على قولها وانتزعت روحها وألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح، فقولها ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ﴾ قالت العلماء:

اختارت الجار قبل الدار، وقد ورد شيء من ذلك في حديث مرفوع ﴿وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ﴾ أي خلصني منه فإني أبرأ إليك من عمله ﴿وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ وهذه المرأة هي آسية بنت مزاحم .

وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كان إيمان امرأة فرعون من قبل إيمان امرأة خازن فرعون، وذلك أنها جلست تمشط ابنة فرعون فوقع المشط من يدها


(١) تفسير الطبري ١٢/ ١٦٢.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>