للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٥٥ إلى ١٥٦]]

﴿وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَاِرْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥) وَاُكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (١٥٦)

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز ليدعوا ربهم وكان فيما دعوا الله أن قالوا اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا قبلنا ولا تعطه أحدا بعدنا، فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة ﴿قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ﴾ (١) الآية.

وقال السدي: إن الله أمر موسى أن يأتيه في ثلاثين من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل ووعدهم موعدا ﴿وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً﴾ على عينيه ثم ذهب بهم ليعتذروا فلما أتوا ذلك المكان قالوا ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ﴾ [البقرة: ٥٥] يا موسى ﴿حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] فإنك قد كلمته فأرناه ﴿فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ﴾ [البقرة: ٥٥] فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا لقيتهم وقد أهلكت خيارهم ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ﴾ (٢).

وقال محمد بن إسحاق: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلا الخير فالخير، وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم، فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم، فقال له السبعون فيما ذكر لي حين صنعوا ما أمرهم به وخرجوا معه للقاء ربه لموسى: اطلب لنا نسمع كلام ربنا، فقال: أفعل فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله دنا موسى فدخل فيه وقال للقوم ادنوا وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهة موسى نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه فضرب دونه بالحجاب ودنا القوم، حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه افعل ولا تفعل فلما فرغ إليه من أمره وانكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا:

يا موسى ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] … ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ وهي الصاعقة فالتقت أرواحهم فماتوا جميعا، فقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ﴾ قد سفهوا، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل.

وقال سفيان الثوري: حدثني أبو إسحاق عن عمارة بن عبيد السلولي عن علي بن أبي طالب قال: انطلق موسى وهارون وشبر وشبير فانطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفاه الله ﷿، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا له: أين


(١) تفسير الطبري ٦/ ٧٤.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>