للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة: ٢١] وقال تعالى: ﴿إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ [غافر: ٥١ - ٥٢] إلى آخر الآية، ووجه ابن جرير على أن المعنى: ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما، ثم يبتدئ فيقول: ﴿بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ﴾ تقديره أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا، ولا شك أن هذا المعنى صحيح، وهو حاصل من التوجيه الأول، فلا حاجة إلى هذا، والله أعلم.

[[سورة القصص (٢٨): الآيات ٣٦ إلى ٣٧]]

﴿فَلَمّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاّ سِحْرٌ مُفْتَرىً وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦) وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ (٣٧)

يخبر تعالى عن مجيء موسى وأخيه هارون إلى فرعون وملئه وعرضه ما آتاهما الله من المعجزات الباهرة، والدلالة القاهرة على صدقهما فيما أخبرا به عن الله ﷿ من توحيده واتباع أوامره، فلما عاين فرعون وملؤه ذلك وشاهدوه وتحققوه، وأيقنوا أنه من عند الله، عدلوا بكفرهم وبغيهم إلى العناد والمباهتة، وذلك لطغيانهم وتكبرهم عن اتباع الحق فقالوا ﴿ما هذا إِلاّ سِحْرٌ مُفْتَرىً﴾ أي مفتعل مصنوع، وأرادوا معارضته بالحيلة والجاه فما صعد معهم ذلك.

وقوله: ﴿وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ يعنون عبادة الله وحده لا شريك له، يقولون:

ما رأينا أحدا من آبائنا على هذا الدين، ولم نر الناس إلا يشركون مع الله آلهة أخرى، فقال موسى مجيبا لهم ﴿رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ﴾ يعني مني ومنكم، وسيفصل بيني وبينكم، ولهذا قال: ﴿وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ﴾ أي من النصرة والظفر والتأييد ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ﴾ أي المشركون بالله ﷿.

[[سورة القصص (٢٨): الآيات ٣٨ إلى ٤٢]]

﴿وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ (٣٨) وَاِسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢)

يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في دعواه الإلهية لنفسه القبيحة لعنه الله، كما قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ﴾ [الزخرف: ٥٤] الآية، وذلك لأنه دعاهم إلى الاعتراف له بالإلهية، فأجابوه إلى ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم، ولهذا قال: ﴿يا أَيُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>