[ذكر حديث غريب في فضلها] قال البيهقي في كتاب الخلافيات: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو، حدثنا أحمد بن عبد الله المديني، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل، حدثني عثمان بن عبد الله أبي عتيق عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة عن أبيه عن جدته أم هانئ بنت أبي طالب أن رسول الله ﷺ قال:«فضل الله قريشا بسبع خلال: إني منهم وإن النبوة فيهم والحجابة والسقاية فيهم، وإن الله نصرهم على الفيل، وإنهم عبدوا الله ﷿ عشر سنين لا يعبده غيرهم، وإن الله أنزل فيهم سورة من القرآن-ثم تلا رسول الله ﷺ: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. لِإِيلافِ قُرَيْشٍ. إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾».
هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام كتبوا بينهما سطر بسم الله الرّحمن الرّحيم، وإن كانت متعلقة بما قبلها كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، لأن المعنى عندهما حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين، وقيل المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم لعظمتهم عند الناس لكونهم سكان حرم الله، فمن عرفهم احترمهم بل من صوفي إليهم وسار معهم أمن بهم، وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم، وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٦٧] ولهذا قال تعالى: ﴿لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ﴾ بدل من الأول ومفسر له ولهذا قال تعالى: ﴿إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ﴾.
قال ابن جرير (١): الصواب أن اللام لام التعجب كأنه يقول اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك، قال وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان.