للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعيف (١). وحكى البغوي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لله ألف عالم ستمائة في البحر وأربعمائة في البر، وقال وهب بن منبه: لله ثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم منها، وقال مقاتل:

العوالم ثمانون ألفا، وقال كعب الأحبار: لا يعلم عدد العوالم إلا الله ﷿ نقله البغوي.

وحكى القرطبي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: إن لله أربعين ألف عالم الدنيا من شرقها إلى مغربها عالم واحد منها، وقال الزجاج: العالم كل ما خلق الله في الدنيا والآخرة قال القرطبي:

وهذا هو الصحيح إنه شامل لكل العالمين كقوله: ﴿قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣] والعالم مشتق من العلامة (قلت) لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته كما قال ابن المعتز:

فيا عجبا كيف يعصى الإله … أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد

[[سورة الفاتحة (١): آية ٣]]

﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣)

وقوله تعالى: ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ تقدم الكلام عليه في البسملة بما أغنى عن الإعادة. قال القرطبي (٢): إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله رب العالمين ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب كما قال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩ - ٥٠] وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٦٥] قال: فالرب فيه ترهيب والرحمن الرحيم ترغيب. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته (٣) أحد».

[[سورة الفاتحة (١): آية ٤]]

﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)

قرأ بعض القراء (ملك يوم الدين) وقرأ آخرون (مالك) وكلاهما صحيح متواتر في السبع (٤)، ويقال ملك بكسر اللام وبإسكانها، ويقال مليك أيضا وأشبع نافع كسرة الكاف فقرأ (ملكي يوم الدين) وقد رجح كلا من القراءتين مرجّحون من حيث المعنى وكلتاهما صحيحة حسنة، ورجح الزمخشري ملك لأنها قراءة أهل الحرمين ولقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] وقوله:

﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ﴾ [الأنعام: ٧٣] وحكي عن أبي حنيفة أنه قرأ: «ملك يوم الدين» على


(١) الحديث رواه السيوطي في الدر المنثور (١/ ٣٧) وقال: بسند ضعيف.
(٢) تفسير القرطبي ١/ ١٣٩، وابن كثير ينقل هنا عن القرطبي بتصرّف.
(٣) في القرطبي ١/ ١٣٩ وصحيح مسلم (توبة حديث ٢٣): «جنته».
(٤) أي القراءات السبع المشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>