للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل موجود سوى الله ﷿، والعالم جمع لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات في السموات وفي البر والبحر وكل قرن منها وجيل يسمى عالما أيضا. قال بشر بن عمار عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ الحمد لله الذي له الخلق كله السموات والأرضون وما فيهنّ وما بينهن مما نعلم ومما لا نعلم. وفي رواية سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس: رب الجن والإنس، وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد وابن جريج وروي عن علي نحوه، قال ابن أبي حاتم: بإسناده لا يعتمد عليه. واستدل القرطبي لهذا القول بقوله تعالى: ﴿لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً﴾ [الفرقان: ١] وهم الجن والإنس. قال الفراء وأبو عبيد:

العالم عبارة عما يعقل وهم الإنس والجن والملائكة والشياطين ولا يقال للبهائم عالم. وعن زيد بن أسلم وأبي محيصن: العالم كل ما له روح ترفرف. وقال قتادة: رب العالمين كل صنف عالم، وقال الحافظ ابن عساكر في ترجمة مروان بن محمد وهو أحد خلفاء بني أمية وهو يعرف بالجعد ويلقب بالحمار أنه قال: خلق الله سبعة عشر ألف عالم، أهل السموات وأهل الأرض عالم واحد، وسائرهم لا يعلمهم إلا الله ﷿.

وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: ﴿رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ قال: الإنس عالم [والجن عالم] (١) وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف أو أربعة عشر ألف عالم-هو يشك-من الملائكة على الأرض وللأرض أربع زوايا، في كل زاوية ثلاثة ألاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم الله لعبادته. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (٢). وهذا كلام غريب يحتاج مثله إلى دليل صحيح. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن خالد حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الفرات، يعني ابن الوليد، عن معتب بن سمي عن تبيع يعني الحميري في قوله تعالى: ﴿رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ قال: العالمين ألف أمة فستمائة في البحر وأربعمائة في البر (٣)، وحكي مثله عن سعيد بن المسيب وقد روي نحو هذا مرفوعا كما قال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى في مسنده: حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبيد بن واقد القيسي أبو عباد حدثني محمد بن عيسى بن كيسان حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قلّ الجراد في سنة من سني عمر التي ولي فيها، فسأل عنه فلم يخبر بشيء، فاغتم لذلك، فأرسل راكبا يضرب إلى اليمن وآخر إلى الشام وآخر إلى العراق يسأل هل رؤي من الجراد شيء، أم لا؟ قال: فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد، فألقاها بين يديه فلما رآها كبر ثم قال: سمعت رسول الله يقول «خلق الله ألف أمة: ستمائة في البحر وأربعمائة في البر، فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد فإذا هلك تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه» محمد بن عيسى هذا وهو الهلالي


(١) زيادة من الطبري.
(٢) تفسير الطبري ١/ ٩٣؛ والدر المنثور ١/ ٣٧.
(٣) الدر المنثور ١/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>