للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر لا تكن هو، وقال (١) أيضا في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص: حدثنا هاشم، حدثنا إسحاق بن سعيد، حدثنا سعيد بن عمرو قال: أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير وهو جالس في الحجر فقال: يا ابن الزبير، إياك والإلحاد في الحرم، فاني أشهد لسمعت رسول الله يقول: «يحلها ويحل به رجل من قريش، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها» قال: فانظر لا تكن هو، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذين الوجهين.

[[سورة الحج (٢٢): الآيات ٢٦ إلى ٢٧]]

﴿وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)

هذا فيه تقريع وتوبيخ لمن عبد غير الله وأشرك به من قريش في البقعة التي أسست من أول يوم على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، فذكر تعالى أنه بوأ إبراهيم مكان البيت، أي أرشده إليه وسلمه له وأذن له في بنائه، واستدل به كثير ممن قال: إن إبراهيم هو أول من بنى البيت العتيق، وأنه لم يبن قبله، كما ثبت في الصحيحين عن أبي ذر، قلت:

يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟ قال «المسجد الحرام». قلت: ثم أي؟ قال: «بيت المقدس». قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة» (٢).

وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً﴾ [آل عمران: ٩٦ - ٩٧] الآيتين، وقال تعالى: ﴿وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ٢١٥] وقد قدمنا ذكر ما ورد في بناء البيت من الصحاح والآثار بما أغنى عن إعادته هاهنا، وقال تعالى هاهنا ﴿أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً﴾ أي ابنه على اسمي وحدي ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾ قال قتادة ومجاهد: من الشرك ﴿لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ أي اجعله خالصا لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له، فالطائف به معروف، وهو أخص العبادات عند البيت، فإنه لا يفعل ببقعة من الأرض سواها ﴿وَالْقائِمِينَ﴾ أي في الصلاة، ولهذا قال: ﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ فقرن الطواف بالصلاة لأنهما لا يشرعان إلا مختصين بالبيت، فالطواف عنده والصلاة إليه في غالب الأحوال، إلا ما استثني من الصلاة عند اشتباه القبلة وفي الحرب وفي النافلة في السفر، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ﴾ أي ناد في الناس بالحج، داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه، فذكر أنه قال: يا رب وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقال:

ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على أبي


(١) المسند ٢/ ٢١٩.
(٢) أخرجه مسلم في المساجد حديث ١، وأحمد في المسند ٥/ ١٥٠، ١٥٦، ١٥٧، ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>