يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال تعالى:
﴿وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ولهذا قال تعالى هاهنا: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ أي الجميع ملكه وعبيده وتحت تصرفه وقهره، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى﴾ [الليل: ١٣]، ثم قال ﷿: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ فهو المعبود أبدا، المحمود على طول المدى.
وقوله تعالى: ﴿هُوَ الْحَكِيمُ﴾ أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ﴿الْخَبِيرُ﴾ الذي لا تخفى عليه خافية ولا يغيب عنه شيء، وقال مالك عن الزهري: خبير بخلقه، حكيم بأمره، ولهذا قال ﷿: ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها﴾ أي يعلم عدد القطر النازل في أجزاء الأرض، والحب المبذور، والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك عدده وكيفيته وصفاته ﴿وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ﴾ أي من قطر ورزق، وما يعرج فيها، أي من الأعمال الصالحة وغير ذلك، ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾ أي الرحيم بعباده، فلا يعاجل عصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.
هذه إحدى الآيات الثلاث التي لا رابع لهن مما أمر الله تعالى رسوله ﷺ أن يقسم بربه العظيم على وقع: المعاد، لما أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد، فإحداهن في سورة