للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَائِرِ الطَّعَامِ» «١» . وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَلْفَاظَهَا وَالْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي قِصَّةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فِي كِتَابِنَا [الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ] وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَذَكَرْنَا مَا وَرَدَ مِنَ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهَا تَكُونُ هِيَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ عند قوله تعالى ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً.

آخر تفسير سورة التحريم، ولله الحمد والمنة.

تفسير

[سورة الملك]

وهي مكية قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ جَعْفَرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ سُورَةً فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثِينَ آيَةً شَفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»

وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ زِيَادٍ أَبِي عَبْدِ الله القرشي النيسابوري المقري الزَّاهِدِ الْفَقِيهِ، أَحَدِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمُ البخاري ومسلم لكن فِي غَيْرِ الصَّحِيحَيْنِ.

وَرَوَى عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ فِي مَذْهَبِ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْهِ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، سَاقَ بِسَنَدِهِ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ فُرَاتِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مَاتَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا تَبَارَكَ، فَلَمَّا وُضِعَ فِي حُفْرَتِهِ أَتَاهُ الْمَلَكُ فَثَارَتِ السُّورَةُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهَا إِنَّكِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا أَكْرَهُ مُسَاءَتَكِ، وَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكِ وَلَا لَهُ وَلَا لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، فَإِنْ أَرَدْتِ هَذَا بِهِ فَانْطَلِقِي إِلَى الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَاشْفَعِي لَهُ، فَتَنْطَلِقُ إِلَى الرَّبِّ فَتَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا عَمَدَ إِلَيَّ مِنْ بَيْنِ كِتَابِكَ فتَعَلَّمَنِي وَتَلَانِي، أَفَتُحَرِّقُهُ أَنْتَ بِالنَّارِ وَتُعَذِّبُهُ وَأَنَا فِي جَوْفِهِ؟ فَإِنْ كُنْتَ فَاعِلًا ذَاكَ بِهِ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ فَيَقُولُ أَلَا أَرَاكِ غَضِبْتِ، فَتَقُولُ وَحُقَّ لِي أَنْ أَغْضَبَ فَيَقُولُ اذْهَبِي فَقَدْ وَهَبْتُهُ لك وشفعتك فيه- قال- فتجيء فتزجر الْمَلَكُ، فَيَخْرُجُ كَاسِفَ الْبَالِ لَمْ يَحْلَ مِنْهُ بِشَيْءٍ- قَالَ- فَتَجِيءُ فَتَضَعُ فَاهَا عَلَى فِيهِ فتقول مرحبا بهذا الفم فربما تلاني، مرحبا بِهَذَا الصَّدْرِ فَرُبَّمَا وَعَانِي، وَمَرْحَبًا بِهَاتَيْنِ الْقَدَمَيْنِ فَرُبَّمَا قَامَتَا بِي، وَتُؤْنِسُهُ فِي قَبْرِهِ مَخَافَةَ الْوَحْشَةِ عَلَيْهِ» قَالَ:

فَلَمَّا حَدَّثَ بِهَذَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ وَلَا حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ إِلَّا تَعَلَّمَهَا وَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم المنجية.


(١) أخرجه البخاري الأنبياء، باب، ٣٢، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ٧٠.
(٢) المسند ٢/ ٢٩٩، ٣٢١.
(٣) أخرجه الترمذي في ثواب القرآن باب ٩، وابن ماجة في الأدب باب ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>