ما حل له إلا أن يتبعني». وفي بعض الأحاديث «لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي».
فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد، لكان هو الواجب طاعته المقدم على الأنبياء كلهم، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في المحشر في إتيان الرب ﷻ لفصل القضاء بين عباده، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له، والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين حتى تنتهي النوبة إليه فيكون هو المخصوص به صلوات الله وسلامه عليه.
يقول تعالى منكرا على من أراد دينا سوى دين الله الذي أنزل به كتبه، وأرسل به رسله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، الذي ﴿لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي استسلم له من فيهما طوعا وكرها، كما قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ [الرعد: ١٥] وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلّهِ وَهُمْ داخِرُونَ* وَلِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ* يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٤٨ - ٥٠] فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله، والكافر مستسلم لله كرها، فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم الذي لا يخالف ولا يمانع.
وقد ورد حديث في تفسير هذه الآية على معنى آخر فيه غرابة، فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن النضر العسكري، حدثنا سعيد بن حفص النفيلي، حدثنا محمد بن محصن العكاشي، حدثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عن النبي ﷺ ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾، «أما من في السموات فالملائكة، وأما من في الأرض فمن ولد على الإسلام، وأما كرها فمن أتي به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون». وقد ورد في الصحيح «عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل» وسيأتي له شاهد من وجه آخر، ولكن المعنى الأول للآية أقوى.
وقد قال وكيع في تفسيره، حدثنا سفيان عن منصور، عن مجاهد ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ [الزمر: ٢٥] قال: هو كقوله ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ