للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتباعها بأممها فيمر علي النبي والنبي في العصابة! والنبي في الثلاثة والنبي وليس معه أحد- وتلا قتادة هذه الآية ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ [هود: ٧٨] قال: حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة (١) من بني إسرائيل قال: قلت ربي من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران ومن تبعه من بني إسرائيل! قال: قلت رب فأين أمتي؟ قال: انظر عن يمينك في الظّراب (٢) قال فإذا وجوه الرجال قال: قال أرضيت؟ قال: قلت: قد رضيت رب.

قال: انظر إلى الأفق عن يسارك فإذا وجوه الرجال قال: أرضيت؟ قلت: قد رضيت رب.

قال: فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب». قال وأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد قال سعيد وكان بدريا قال: يا نبي الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: فقال «اللهم اجعله منهم» قال أنشأ رجل آخر قال: يا نبي الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال: «سبقك بها عكاشة» قال: فقال رسول الله : «فإن استطعتم فداكم أبي وأمي أن تكونوا من أصحاب السبعين فافعلوا، وإلا فكونوا من أصحاب الظّراب، وإلا فكونوا من أصحاب الأفق، فإني قد رأيت أناسا كثيرا قد تأشّبوا حوله-ثم قال-إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة» فكبرنا ثم قال: «إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة» قال: فكبرنا قال: «إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة» قال فكبرنا، قال ثم تلا رسول الله هذه الآية ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ قال: فقلنا بيننا:

من هؤلاء السبعون ألفا؟ فقلنا: هم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا. قال: فبلغه ذلك فقال: «بل هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون».

وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة به نحوه، وهذا الحديث له طرق كثيرة من غير هذا الوجه في الصحاح وغيرها، وقال ابن جرير (٣): حدثنا ابن حميد، حدثنا مهران، حدثنا سفيان عن أبان بن أبي عياش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ قال: قال رسول الله : «هما جميعا من أمتي».

[[سورة الواقعة (٥٦): الآيات ٤١ إلى ٥٦]]

﴿وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)

لما ذكر تعالى حال أصحاب اليمين عطف عليهم بذكر أصحاب الشمال فقال:


(١) الكبكبة: الجماعة من الناس.
(٢) الظراب: الجبال الصغار
(٣) تفسير الطبري ١١/ ٦٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>